للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٥) النتيجة]

الظاهر أن (ما) في الآية زائدة للتأكيد؛ إذ هو أحسن الوجوه التي تُحمل عليها الآية من غير تكلف، وليست زيادة (ما) في الآية تدل على تنقُّص كلام الله جل وعلا، وقد ذكر ابن تيمية رحمه الله أنه ليس في القرآن لفظٌ زائدٌ إلا لمعنًى زائد، وإن كان ذلك من قبيل التأكيد، "وما يجيء من زيادة اللفظ في مثل قوله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ}، وقوله: {عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ} [المؤمنون: ٤٠]، وقوله: {قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف: ٣، والنمل: ٦٢، والحاقة: ٤٢]، فالمعنى مع هذا أزيد من المعنى بدونه، فزيادة اللفظ لزيادة المعنى، وقوة اللفظ لقوة المعنى" (١).

وقد كانت زيادة اللفظ في المواضع التي تليق به سائغةً عند العرب الأوائل، وأسلوبٌ حسن يقوي البيان عندهم؛ قال الخطابي لمَّا أشار إلى زيادة الحروف في كلام العرب: "فهذا وما أشبهه من زيادات حروفٍ في مواضع من الكلام، وحذف حروفٍ في أماكن أُخر منها؛ إنما جاءت على نهج لغتهم الأولى قبل أن يدخلها التغيير، ثم صار المتأخرون إلى ترك استعمالها في كلامهم.

فافهم هذا الباب، فإنك إذا أحكمت معرفته استفدت علمًا كثيرًا، وسقطت عنك مؤونة عظيمة، وزال عنك ريب القلب، وتخلَّصت من شَغْب الخصم، ولا قوة إلا بالله" (٢).


(١) ينظر في مجموع الفتاوى لابن تيمية (١٦/ ٥٣٧).
(٢) ينظر في بيان إعجاز القرآن للخطابي (ص: ٥٨).

<<  <   >  >>