للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجاء تأكيد هذا التطمين في الآية التي بعدها، وهي قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئا} [آل عمران: ١٧٧]، فهذه الآية تأكيدٌ للآية التي قبلها، وذلك أن الذي اشترى الكفر راغبًا به مِثلُه مثل الذي يسارع في الكفر رغبةً به، وجاء التعقيب في الآيتين بأن من يفعل ذلك فلن يضر الله شيئا (١).

وجاء أيضًا في آية أخرى نحو هذا الأسلوب من النهي عن الحزن ثم ذكر ما يطمِّن النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك في قوله تعالى: {وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [يونس: ٦٥].

[٥) النتيجة]

الراجح أن الحكمة من النهي عن الحزن في الآية هي تطمين قلب النبي صلى الله عليه وسلم بتهوين خطر الذين يسارعون في الكفر، فهذا هو المتلائم مع قوله: {إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئا}، وهو المتلائم مع سياق الآيات وسردها لأحداث غزوة أُحد وما فيها من الحديث عن نصر الله لأوليائه وتطمينهم بأنه لن يلحقهم ضرر وإن حصل من أهل الكفر ما حصل (٢).

وأما القول الآخر بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحزن بشدة على كفر قومه، فجاءت هذه الآيات تسلية له، فلا يظهر أنه المراد هنا، وهذا المعنى أنسب أن يكون مع الآيات المكية التي حصل فيها ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، بخلاف هذه الآيات التي في سياق غزوة أُحد، والله أعلم.


(١) أوضح معنى التأكيد في الآيتين الطيبي في حاشيته على الكشاف (٤/ ٣٥٦).
(٢) ذكر هذا المعنى في سياق الآيات الطبري في تفسيره (٦/ ٢٥٩).

<<  <   >  >>