وكذلك لا تصح دعوى وجود محذوف في الآية تقديره: عند كرامة ربهم، لأن الأصل في كلام الله أنه تام.
وما ذكروه من معنى التكريم ورفع المنزلة وحصول الكرامة كله ثابت إذا كان القُرب حقيقيًّا، بل إن القُرب الحقيقي يثبت هذا المعنى بأكمل مما ذكروه ويزيد عليه كمالًا من الأُنس بالقُرب من الله والاغتباط بذلك.
[٥) النتيجة]
الصحيح أن قوله تعالى {بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} يدل على القرب الحقيقي من الله، وأن الذين قتلوا في سبيل الله هم أحياء عنده سبحانه حياة برزخية لا يدرك الناس في الدنيا حقيقتها، كما قال تعالى:{وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ}(١)، فالحقُّ فيها ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والقول بأن قُرب الشهداء من الله حقيقي هو القول الذي يحصل به خصوصية الشهداء وتميز حياتهم عن حياة من دونهم من المؤمنين في البرزخ، فإن المؤمن يُنَعَّم في قبره، فله في البرزخ نعيم كما أن للشهيد نعيم، لكن الشهيد له قُربٌ خاص من الله عز وجل كما دلت عليه هذه الآية، والله أعلم.