للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثالثة: وجه التعليل في قوله {لِّكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ}

• أصل الخلاف في المسألة:

الخلاف حول لام التعليل في قوله: {لِّكَيْلَا تَحْزَنُواْ}؛ هل هي تعليلٌ لإثابة الغم في قوله: {فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ}، أو هي تعليل لعفو الله في قوله: {وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ}.

ويتفرَّع عن القول الأول تحديد الوجه في (لا) في قوله {لِّكَيْلَا}؛ هل هي (لا) النافية، أو أنها مزيدة.

• نص المسألة:

قال السمين الحلبي رحمه الله: "وفي {لِّكَيْلَا} وجهان:

أحدهما: أنه متعلَّق {فَأَثَابَكُمْ}، وعلى هذا ففي (لا) وجهان:

o (أحدهما): أنها على بابها من كونها نافية غير مزيدة، فاستُشكل على هذا أنه لا يثيبهم الغم لينفي عنهم الحزن؛ إذ لا يترتب على غمِّهم انتفاء حزنهم، بل معناه العكس؛ أي: غمَّهم ليحزنوا عقوبةً لهم على ما حدث منهم من مزايلة المركز والاشتغال بالنهب والأخذ في الهزيمة.

وأجبتُ عن ذلك بما ذكره الزمخشري من أن المعنى: «ليتمرنوا على تجرُّع الغموم» إلى آخره (١)، فجعل العلَّة ثبوتية، وهي التمرُّن على تجرُّع الغموم والصبر على احتمال الشدائد، ورتَّب على ذلك انتفاء الحزن، وجعل ظرف الحزن هو مستقبَلٌ لا تعلُّق له بقصة أُحد، بل لينتفي الحزن عنكم بعد هذه القصة.

وقال ابن عطية: «المعنى: لتعلموا أن ما وقع بكم إنما هو بجنايتكم، فأنتم آذيتم أنفسكم، وعادة البشر أن جاني الذنب يصبر للعقوبة، وأكثرُ قلقِ المُعاقَب


(١) ينظر في الكشاف للزمخشري (١/ ٤٢٧).

<<  <   >  >>