للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• ترجيح السمين الحلبي ووجه الترجيح:

يرجِّح السمين الحلبي أن المفازة المذكورة في الآية مصدر من الفوز، وأن الجار والمجرور متعلق بها مباشرة من غير الحاجة إلى تقدير محذوف، ويظهر هذا الترجيح من ثلاثة وجوه:

الأول: لفظ الترجيح، وقد جاء على صيغة التفضيل، وذلك في قوله: (وهذا الوجه أحسن) (١).

الثاني: أنه استقصى في ذكر الإشكال على القول الأول حتى انتهى ببيان أن أهل اللغة قد منعوا من التقدير المذكور فيه، فهو يمنع القول الأول، ويرجِّح القول الثاني.

الثالث: أنه قد ذكر بعد المسألة إشكالًا على القول الذي رجَّحه، ثم أجاب عنه، واستشهد لجوابه بقول العرب (٢)، فهذا يدل على أنه يعتمد هذا القول ويدافع عنه.

• دراسة المسألة:

[١) مذاهب أهل العلم في المسألة]

أما أصل المفازة، فالذي يظهر مما ذكره المفسرون والمعربون أنهم جعلوها مصدرًا من الفوز، حيث ذكروا التقدير الموافق لذلك في الآية: (فلا تحسبنَّهم فائزين من العذاب) (٣).

ثم جاء أبو البقاء العكبري فكان أول من تعرَّض لهذه المسألة، وجعل الأصل فيها أن المفازة اسم مكان، وأن الجار والمجرور متعلق بمحذوفٍ صفةٍ لها، وذكر جواز القول الثاني (٤).

ولم يوافق كثير من المعربين الذين تعرضوا للمسألة من بعده على جعل المفازة اسم مكان، ومال أكثرهم إلى القول الثاني (٥).

وإن كان بعض المفسرين وأهل اللغة فسَّروا (المفازة) بما يقتضي أنها اسم مكان، لكنهم لم


(١) وقد ذكر في الدر المصون (٣/ ٥٣٠ - ٥٣١) صيغة التفضيل أيضًا، فقال: (فهذا أولى).
(٢) ينظر في القول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: وائل بن محمد بن علي جابر (ص: ٣٧٠ - ٣٧١).
(٣) ينظر في الكشاف للزمخشري (١/ ٤٥١)، وكشف المشكلات لجامع العلوم الباقولي (١/ ٢٧٩)، والبيان لأبي البركات الأنباري (١/ ٢٣٤).
(٤) ينظر في التبيان في إعراب القرآن لأبي البقاء العكبري (١/ ٣٢٠).
(٥) ينظر في الكتاب الفريد للمنتجب الهمذاني (٢/ ١٨٧) وتفسير أبي السعود (٢/ ١٢٦)، وحاشية الشهاب على تفسير البيضاوي (٣/ ٨٧)، وحاشية القونوي عليه كذلك (٦/ ٤٤٣)، وروح المعاني للآلوسي (٢/ ٣٦٢).

<<  <   >  >>