للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة السادسة: وجه الاستفهام في قوله {يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ}

• أصل الخلاف في المسألة:

الأصل في (هل) أنها حرف استفهام فتأتي لأجل الاستخبار عن الشيء، وقد يكون الاستفهام فيها لأجل النفي فيكون معناها مثل معنى (ما) النافية (١)، كما في قوله تعالى: {فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [النحل: ٣٥]، هو مثل معنى قوله تعالى: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [النور: ٥٤، والعنكبوت: ١٨]، والخلاف هنا في الاستفهام بـ (هل) في الآية؛ هل يُراد به الاستخبار، أو يُراد به النفي؟

• نص المسألة:

قال السمين الحلبي رحمه الله: "ثم أخبر عنهم أنهم يقولون لرسوله؛ أي: يسألونه: هل لنا معاشر المسلمين من الأمر -أي: من أمر الله- نصيبٌ قط؟ يعنون النصر والظهور على العدو …

والاستفهام على هذا على بابه من الاستخبار.

وقيل إنه بمعنى النفي، ويدل له ما ذكر في سبب النزول عن ابن جريج وقتادة أنه قيل لعبد الله بن أُبي ابن سلول: قُتل بنو الخزرج، فقال: وهل لنا من الأمر شيء (٢)؛ أي: ليس لنا أمرٌ يُطاع؛ لو سمع مِنْ رأينا لم يخرج من المدينة ولم نقاتل فلم يُقتل منَّا أحد.

وقيل: معناه: لسنا على الأمر الحق، ولو كنا عليه لما غلبنا عدونا، قاله ابن فورك والمهدوي، واستُبعد هذا للرد عليهم بقوله: {قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ}، فإنه ظاهر في معنى ما تقدم من أن المعني به سوء الرأي في الخروج، وأنه لو قعد كما أشاروا عليه لم يُقتل من قُتل.

ويُشكل على كون الاستفهام نفيًا أن من نفى عن نفسه شيئًا لا يُرد عليه بإثباته لغيره،


(١) ينظر في حروف المعاني والصفات للزجاجي (ص: ٢)، والجنى الداني للمرادي (ص: ٣٤١ – ٣٤٤).
(٢) رواها الطبري في تفسيره (٦/ ١٦٧) عن ابن جريج، وأما ما ذُكر من رواية قتادة فليس فيما وقفت عليه ذكرُ قصة عبد الله بن أُبي، وإنما فيه الإشارة إلى أن قوله {يقولون لو كان لنا من الأمر شيء} هو قول المنافقين؛ روى ذلك الطبري في تفسيره (٦/ ١٦٥)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٧٩٤).

<<  <   >  >>