للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: ترجيحات السمين الحلبي من آية (١٥٦) إلى آية (١٦٣)]

وفيه خمس مسائل:

المسألة الأولى: إعراب قول الله تعالى {لَمَغْفِرَةٌ}

قال تعالى: {وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [آل عمران: ١٥٧]

• أصل الخلاف في المسألة:

الخلاف في ربط الجملة {لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ} بما قبلها، فإن اللام في قوله {لَمَغْفِرَةٌ} شروع في ابتداء جملة جديدة، فكيف تُربط هذه الجملة بما قبلها؟

• نص المسألة:

قال السمين الحلبي رحمه الله: "وقوله {لَمَغْفِرَةٌ} فيها وجهان؛ أظهرهما أنها مبتدأ، وسوَّغ الابتداء بها الاعتمادُ على لام الابتداء، والعطف عليها، ووصفها بالجار والمجرور بعدها، والوصف المقدَّر؛ إذ التقدير: لمغفرةٌ يسيرة.

و {خَيْرٌ} على هذا خبرُ المبتدأ، وهي باقية على بابها من التفضيل، كما قدَّمناه عن ابن عباس (١).

والثاني: أنها خبرُ مبتدإٍ مُضمَر، وذلك بأن يُراد بالمغفرة والرحمة القتلُ أو الموت في سبيل الله، لأنهما مقترنان بالموت في سبيل الله، فيكون التقدير: فلَذلك الموتُ أو القتل في سبيل الله مغفرةٌ ورحمةُ خير.

وعلى هذا فـ {خَيْرٌ} صفةٌ لما قبله لا خبر، وإلى هذا نحا ابن عطية، فإنه قال: «وتحتمل الآيةُ أن يكون قوله {لَمَغْفِرَةٌ} إشارةً إلى الموت أو القتل في سبيل الله، فسمَّى ذلك


(١) نقل عن ابن عباس في قوله {خيرٌ مما يجمعون} أنه قال: "خيرٌ من طِلاع الأرض ذهبة حمراء"؛ ينظر في القول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: وائل بن محمد بن علي جابر (ص: ١٠٢)، والأثر مذكورٌ في الكشاف للزمخشري (١/ ٤٣١)، ولم أقف على من خرَّجه.

<<  <   >  >>