للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• دراسة المسألة:

[١) مذاهب أهل العلم في المسألة]

جمهور أهل العلم هم بين القول الأول والثاني على أن المراد بالأولياء في الآية هم أبو سفيان ورهطه (١)، ولم يرجِّح القول الثالث إلا القليل من أهل العلم (٢)، وروي عن الحسن والسدي (٣)، والذي يظهر أنهما لم يقصدا بيان المفعول في الآية، وإنما ذكرا المنافقين لبيان أنهم بخلاف المؤمنين الذين أمرهم الله بقوله: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ}، وهذا ظاهرٌ في قول الحسن البصري، فإنه سُئل عن آخر الآية ولم يُسأل عن أولها.

وقد صرَّح كثيرٌ من المتقدمين من أهل اللغة بوجود حرف الجر المقدَّر في الآية، وأن التقدير: يخوِّفكم بأوليائه، أو يخوِّفكم من أوليائه (٤)، وهو الظاهر مما روي عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وقتادة، حيث ذكروا حرف الجر في تفسيرهم للآية (٥).

وأما القول الثاني فأكثر ما جاء ترجيحه عن المتأخرين (٦)، وهو ظاهرُ ما روي عن إبراهيم النخعي (٧).

والمسألة في أصلها منقولة عن أبي حيان (٨)، فأعاد السمين الحلبي ترتيب المسألة وبناها على أن جميع الأقوال تجعل تعدِّي الفعل إلى المفعول الثاني بسبب التشديد في الفعل (يخوِّف)، وليس الأمر كذلك مع أصحاب القول الأول، فإنهم جعلوا التعدِّي بسبب حرف الجر المقدَّر


(١) ذكر ابن تيمية في مجموع الفتاوى (١/ ٥٦) وابن القيم في إغاثة اللهفان (١/ ١١٠) أن هذا هو قول الجمهور.
(٢) ينظر في حاشية الطيبي (٤/ ٣٥٢)، وحاشية القونوي (٦/ ٤١٦)، وتفسير السعدي (ص: ١٥٧).
(٣) روى عنهما ابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٨٢٠ - ٨٢١)، وروى الطبري في تفسيره (٦/ ٢٥٦) عن السدي وحده
(٤) ينظر في الجُمَل للخليل بن أحمد (ص: ١٢٠)، ومعاني القرآن للفراء (١/ ٢٤٨)، وغريب القرآن لابن قتيبة (ص: ١١٦)، والكامل للمبرد (٤/ ١٠٤)، وتفسير الطبري (٦/ ٢٥٥)، والحجة لأبي علي الفارسي (٢/ ٣٢٩)، وأمالي ابن الشجري (١/ ٢٨٧)، والبيان لأبي البركات الأنباري (١/ ٢٣١)، وتفسير القرطبي (٤/ ٢٨٢).
(٥) روى ذلك الطبري في تفسيره (٦/ ٢٥٥)، وابن المنذر في تفسيره (٢/ ٥٠٦ - ٥٠٧).
(٦) ينظر في معاني القرآن لقطرب (ص: ٦١٧)، والتفسير البسيط للواحدي (٦/ ١٨٧) فقد عزاه إلى ابن الأنباري، والكشاف للزمخشري (١/ ٤٤٣)، وتفسير ابن جزي (١/ ١٧٢)، والتحرير والتنوير لابن عاشور (٤/ ١٧٢)، وأضواء البيان للشنقيطي (٦/ ٣٦٤)، وتفسير آل عمران للعثيمين (٢/ ٤٥٥).
(٧) رواه ابن المنذر في تفسيره (٢/ ٥٠٦).
(٨) ينظر في البحر المحيط (٣/ ٤٤٠).

<<  <   >  >>