للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأنه مقرٌّ بذلك، ونظير ذلك أن تقول: ليس لي أمرٌ ولا نهي، فيقال لك: إن الأمر والنهي للسلطان؛ لا يَحسُن هذا، إنما كان يَحسُن أنْ لو قلت: إن لي الأمر والنهي.

فإن قدَّرت جملةً أخرى إثباتية مع هذه الجملة المنفية صحَّ ذلك؛ أي التقدير: ليس لنا من الأمر شيء، بل لمَن أَكرَهنا على الخروج وحملنا عليه، فحينئذٍ يَحسُن جوابه بذلك، وبهذا التقدير أيضًا يُخرَّج الجواب عن ابن فورك والمهدوي" (١).

• ترجيح السمين الحلبي ووجه الترجيح:

يرجِّح السمين الحلبي أن الاستفهام لأجل الاستخبار وأنه لا يُراد به النفي، وهذا الترجيح يظهر من ثلاثة وجوه:

الأول: أنه اعتمد على هذا القول في تفسير الآية قبل ذكر الخلاف في المسألة، وذلك في قوله: (يسألونه)، فأفاد أن الاستفهام للاستخبار.

الثاني: أنه أشار بقوله (والاستفهام على هذا على بابه من الاستخبار) الى قاعدة الترجيح عنده، وهي أنه "إذا أمكن بقاء الشيء على موضوعه فهو أولى" (٢).

الثالث: أنه تعقَّب القول الآخر وذكر الإشكال عليه، ولم يتعقَّب القول الأول فدل على ترجيحه له.

• دراسة المسألة:

[١) مذاهب أهل العلم في المسألة]

أول من صرَّح بأن الاستفهام في الآية للاستخبار هو الزمخشري، فذكر هذا المعنى وبنى عليه، وأشار إلى القول الآخر ولم يفصِّل فيه (٣)، ثم رجَّح أبو حيان أن الاستفهام للاستخبار وذكر الأشكال على القول الآخر (٤)، وتبعه في ذلك السمين الحلبي، ولم أقف على من وافقهم


(١) القول الوجيز، (آل عمران: ١٠٦ – ١٥٦)، تحقيق: يعقوب مصطفى سي (ص: ٤٤٣ - ٤٤٤).
(٢) ولذلك ذكر في الدر المصون (٣/ ٤٤٩) أن الأظهر أن الاستفهام على حقيقته، وهذا تابع لقاعدة الترجيح هذه.
(٣) ينظر في الكشاف (١/ ٤٢٨ – ٤٢٩).
(٤) ينظر في البحر المحيط (٣/ ٣٩٣).

<<  <   >  >>