للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي يدل على تغيُّر مادة الكتاب ثلاثةُ أمور:

١) أنه يحيل في تفصيل المسائل إلى أول الكتاب، يشير فيه في الغالب إلى موضعٍ يحدده من سورة البقرة، يذكر أنه قد تقدَّم الكلام عن المسألة هناك، ثم ترجع إلى ذلك الموضع فلا تجده يتطرَّق أبدًا إلى المسألة التي أحال إليها، ويبعد أن يجري مثل هذا الذهول على السمين الحلبي، إلا أن الأمر قد تكرر في مواضع كثيرةٍ من الكتاب، وقفت منها على أربعة عشر موضعًا، يذكر فيها المحققون أنهم لم يقفوا على ما أحال إليه (١).

٢) أنه في سورة النساء قد أشار إلى بعض أحكام قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: ٨٣]، ثم قال: "وقد طوَّل الرازي كلامه في هذه الآية واستنبط منها أحكامًا أخرى استغنينا عن ذكرها بكتابنا الموضوع في الأحكام" (٢)، ولا يُعرف للسمين الحلبي كتابٌ في الأحكام غير كتاب القول الوجيز، فكيف يحيل في كتابه القول الوجيز إلى كتابٍ له في الأحكام؟

٣) أنه عند قوله تعالى {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ} [الفرقان: ٣٢] أشار إلى الحكمة من إنزال القرآن منجمًا ثم قال: "وكان جبريل كل سنة يعارضه القرآن ويدارسه إياه في شهر رمضان، وفي السنة التي توفي فيها عليه السلام عارضه فيه مرتين، وفَهِم صلى الله عليه وسلم من ذلك قُرْب أجله، وأخبر به أصحابه، وقد بيَّنت ذلك في أول هذا الكتاب في باب يخصُّه، ولله الحمد" (٣)، وقد أوضح السمين الحلبي في مقدمة القول الوجيز أن المقدمة تشتمل على ثمانية فصول، وذكرها كلها ولم يذكر فيها أيَّ شيءٍ يتعلق بنزول القرآن أو معارضته (٤).


(١) ينظر مثلًا في القول الوجيز، (آل عمران: ١٠٦ - ١٥٦)، تحقيق: يعقوب مصطفى سي (ص: ٩٣، ١٠٨، ١٣٨، ١٥٣، ١٥٥، ١٦١، ١٦٢، ١٦٤، ٣٤٤)، والقول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: وائل بن محمد بن علي جابر (ص: ٢٠٢، ٢٢٨، ٣٥٤، ٣٨٤، ٤٢١)، هذا في آل عمران ويوجد في السُّوَر الأخرى ما يطول تتبعه.
(٢) القول الوجيز، (سورة النساء: ٨٠ - سورة المائدة: ٤١)، تحقيق: عبد الهادي بن علي القرني (ص: ٩٤).
(٣) القول الوجيز، (سورة النور: ٢١ - سورة الشعراء: ٢٢)، تحقيق: ماجد بن ماشع الحربي (ص: ٢٢٨).
(٤) ينظر في مقدمة المؤلف للكتاب في الجزء الذي حققه عبد الرحيم محمد القاوش (ص: ١٠٢ - ١٢٠).

<<  <   >  >>