الحافظ: كان ابن خزيمة يحفظ الفقهيات من حديثه، كما يحفظ القارئ السورة، وقال أبو حاتم بن حبان: ما رأيت على وجه الأرض من يحسن صناعة السنن، ويحفظ ألفاظها الصحاح، وزياداتها حتى كأنها بين عينيه، إلا محمد بن إسحاق بن خزيمة فقط، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: وقد سئل عن ابن خزيمة، فقال: ويحكم هو،
يسأل عنا، ولا نسأل عنه، هو إمام يقتدى به.
وقال الدارقطني: كان ابن خزيمة إماما ثبتا، معدوم النظير، وقال أبو علي الحسين بن محمد الحافظ: لم أر مثل محمد بن إسحاق بن خزيمة، وقال أبو العباس بن سريج: كان ابن خزيمة، يستخرج النكت من حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالمنقاش، وقال الزاهد أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الحربي: إن الله ليدفع البلاء عن أهل هذه المدينة، بمكان أبي بكر محمد بن إسحاق، قال: وحدثنا ابن خزيمة، قال: كنت إذا أردت أن أصنف الشيء، دخلت الصلاة مستخيرا، حتى يفتح لي فيها ثم أبتدئ التصنيف.
وقال أبو بكر محمد بن سهل الطوسي: سمعت الربيع بن سليمان، وقال لنا: هل تعرفون ابن خزيمة؟ قلنا: نعم، قال: استفدنا منه أكثر مما استفاد منا، وقال محمد بن إسماعيل البكري، سمعت ابن خزيمة يقول: حضرت مجلس المزني يوما، وسئل عن شبه العمد، وقال السائل: إن الله وصف في كتابه القتل صنفين، عمدا، وخطأ، فلم قلتم: إنه على ثلاثة أصناف؟ وتحتج بعلي بن زيد بن جدعان؟ فسكت المزني، فقلت لمناظره: قد روى هذا الحديث أيضا أيوب، وخالد الحذاء، فقال لي: فمن عقبة بن أوس، قلت: بصري روى عنه ابن سيرين مع جلالته، فقلت للمزني: أنت تناظر، أو هذا؟ قال: إذا جاء الحديث فهو مناظر؛ لأنه