متبعة وهو مستند معظم الشريعة، وقد درج صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ترك التعرض لمعانيها، وكانوا لا يألون جهدًا في ضبط قواعد الملة، والتواصي لحفظها، وتعليم الناس ما يحتاجون إليه منها، فلو كان تأويل هذه الظواهر مشروعًا أو محتومًا لأوشك أن يكون اهتمامهم بها فوق اهتمامهم بفروع الشريعة، فإذا تصرم عصرهم وعصر التابعين على الإضراب عن التأويل، كان ذلك قاطعًا بأنه الوجه المتبع، فحق على ذي الدين أن يعتقد تنزه الباري عن صفات المحدثين، ولا يخوض في تأويل المشكلات، ويكل معناها إلى الرب، فليجر آية
الاستواء والمجيء، وقوله:{لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}[ص: ٧٥] ، {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ}[الرحمن: ٢٧] ، و {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا}[القمر: ١٤] ، وما صح من أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم كخبر النزول وغيره، على ما ذكرناه، هذا كلامه رحمه الله في الرسائل النظامية، توفي إمام الحرمين رحمه الله في الخامس والعشرين من ربيع الآخر سنة ثمان وسبعين وأربع مائة بنيسابور، وكان يومًا مشهودًا أغلق الباب وكسر منبره بالجامع، ورثاه الناس بقصائد، ودفن بداره أولا، ثم نقل بعد سنين، فدفن إلى جانب والده، ويقال: إنه كان له أربع مائة تلميذ، فكسروا محابرهم وأقلامهم