المقامات وملحة الأعراب، وشرحها، ودرة الغواص في أوهام الخواص، وله ديوان شعر وترسل، أحد الأئمة في النظم والنثر والبلاغة والفصاحة، مولده سنة ست وأربعين وأربع مائة، وقرأ الأدب بالبصرة على أبي القاسم بن الفضل القصباني، وسمع الحديث من أبي تمام محمد بن الحسن بن موسى المقري، وعنه ابنه القاسم عبد الله، وأبو العباس الميداني الواسطي، وأبو الكرم الكرابيسي، والوزير علي بن طراد، وقوام الدين علي بن صدقة الوزير، ومحمد بن ناصر الحافظ وجماعة، آخرهم بركات بن إبراهيم الخشوعي، روى عنه بالإجازة، ذكره الشيخ أبو عمرو في
طبقات الشافعية، فقال: كان شافعي المذهب، وذلك بين من مقاماته في فتاويه التي ضمنها المقامة الثانية والثلاثين ناسبا لها إلى فقيه العرب، وقال: أيجوز بيع الخل بلحم الجمل؟ قال: لا، ولا بلحم الجمل، قال الحريري: الخل ابن المخاض، ولا يحل بيع اللحم بالحيوان سواء كان من جنسه أو غير جنسه.
وقال أيضًا: ما يجب على المحتفي في الشرع؟ قال: القطع لإقامة الردع، والمحتفي: يباشر القيود، وقال: أينعقد نكاح لم يشهده القواري؟ قال: لا والخالق الباري.
والقواري: الشهود لأنهم يقرون الأشياء أي يتبعونها، قال ابن الصلاح: فهذه أجوبة شافعي ليس غير، لمخالفة الأول لمذهب أبي حنيفة، والثالث لمذهب مالك، وقد قال في خاتمتها: فقلت له خفض الأحزان ولا تلم الزمان، واشكر لمن نقلك من مذهب إبليس إلى مذهب ابن إدريس، وذكر ابنه أبو القاسم عبد الله أن سبب وضع أبيه المقامات أنه كان جالسا في مسجده ببني حرام، فدخل شيخ ذو ظهرين عليه أهبة السفر، فصيح الكلام، حسن العبارة، فسأله الجماعة: من أين الشيخ؟ فقال: من سروج، فاستخبروه عن كنيته، فقال: أبو زيد، فعمل أبي المقامة المعروفة بالحرامية، وهي الثانية والأربعون وعزاها