أبي زيد المذكور، واشتهرت فبلغ خبرها الوزير شرف الدين أنوشروان ابن خالد القاشاني وزير المسترشد فأعجبته، وأشار إلى أبي أن يضم إليها غيرها فأتمها خمسين مقامة، وإلى الوزير أشار الحريري بقوله: فأشار من إشارته حكم وطاعته غنم.
وأما تسمية الراوي الحارث بن همام، فإنما عنى به نفسه، أخذه من قوله عليه الصلاة والسلام:«كلكم حارث وكلكم همام» ، فالحارث الكاسب والهمام الكثير الاهتمام، لأن كل أحد كاسب ومهتم بأموره، وذكر التاج المسعودي عن أبي بكر بن النقور أنه سمع أبا القاسم الحريري يقول: لما سمعت مقالة الشيخ الذي وقف علينا بمسجد بني حرام، ورأيت فصاحته وبلاغته وحسن إيراده، أسر الروم بعض أولاده، أمسيت تلك الليلة، فذكرت ما سمعت منه لبعض أصحابي، فذكروا أنه يأتي إلى المساجد متنكرا في هيئات شتى، ويذكر أحوالا وقصصا متنوعة، وتعجبوا من جريانه في ميدانه، وتصرفه في تلونه وإحسانه، فأنشأت
المقامة الحرامية ثم بنيت عليها سائر المقامات، وقال القاضي شمس الدين ابن خلكان: وجدت في عدة تواريخ أن الحريري صنف المقامات