علينا هذا فلم نر مثله، وقال الحافظ الرئيس أبو المواهب بن
صصرى: أما أنا فكنت أذاكره في خلواته عن الحفاظ الذين لقيهم، فقال: أما ببغداد، فأبو عامر البغدادي، وأما بأصبهان فأبو نصر اليونارتي، لكن إسماعيل الحافظ كان أشهر منه، فقلت له: فعلى هذا ما رأى سيدنا مثله فقال: لا تقل هذا، قال الله تعالى:{فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ}[النجم: ٣٢] ، قلت: وقد قال تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}[الضحى: ١١] قال: نعم لو قال قائل: إن عيني لم تر مثلي لصدق، قال أبو المواهب: وأنا أقول: لم أر مثله ولا من اجتمع فيه من لزوم طريقة واحدة مدة أربعين سنة من لزوم الصلوات في الصف الأول إلا من عذر، والاعتكاف في رمضان،
وعشر ذي الحجة، وعدم التطلع إلى تحصيل الأملاك، وبناء الدور قد أسقط ذلك عن نفسه، وأعرض عن طلب المناصب من الإمامة والخطابة وإياها بعد ما عرضت عليه، وقلة التفاته إلى الأمراء، وأخذ نفسه بالأمر والنهي عن المنكر، لا يأخذه في الله لومة لائم، ثم قال لي: لما عزمت على التحديث، الله مطلع أنه ما حملني على ذلك حب الرياسة والتقدم بل قلت: متى أروي ما جمعت ويأتي بفائدة أخلفه بعدي صحائف، فاستخرت الله، واستأذنت أعيان شيوخي، ورؤساء البلد، وطفت عليهم فكل قال: ومن أحق بهذا منك؟ ، فشرعت في ذلك ثلاث وثلاثين، وذكره ابن النجار في تاريخه فقال: هو إمام المحدثين في وقته،
ومن انتهت إليه الرياسة في الحفظ والإتقان والمعرفة التامة بعلوم الحديث والثقة والنبل، وحسن التصنيف والتجويد والثقة، وبه ختم هذا الشأن.
روى عنه جماعة في حياته سماعًا وإجازة، قال: وقرأت بخط الحافظ معمر بن الفاخر في معجمه، أخبرني أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي الحافظ من لفظه بمنى إملاء يوم النحر الأول، وكان أحفظ من رأيت من طلبة الحديث والشأن، وكان