خزنته سوى سبعة وأربعون درهما ودينارا صوري، وكان يحفظ الحماسة، وسمع الحديث من السلفي، والقطب النيسابور، وعبد الله بن بري وجماعة، وحدث وأسمع بين الصفين في مكان لم يسمع أحد فيه، وكان كثير الهيبة والمحبة للعلماء لا يخالف في رعيته، وكان الجيش يتشبهون بأخلاقه، وشمائله، وظرفه، وعلو سمته، وهديه، وحصل له من الملك ما لم يحصل لأحد ممن بعده من هؤلاء الأتراك من ملك الديار المصرية واليمن وأطراف المغرب، ودمشق، وحلب، والجزيرة، وكثيرا من الأقاليم والحصون والقلاع، وترك أولادا كثيرة منهم العزيز
عثمان صاحب مصر، والأفضل علي بدمشق، والظاهر غازي بحلب، فلما مات العزيز تملك الديار المصرية عمه الملك العادل أبو بكر بن أيوب، ثم جاء فأخذ دمشق من الأفضل علي، وأعطاه صرخد، وأقر الظاهر بحلب، لأجل أنه كان زوج ابنته غازية، ثم صار الملك في ذرية العادل إلا بحلب على ذرية صلاح الدين، أي كان آخرهم الملك الناصر صلاح الدين يوسف ابن العزيز بن الظاهر فتملك دمشق آخرا وبنى بها الناصر بيتين البرانية والجوانية، ثم تغير حال بني أيوب، وزال عنهم الملك، وصدق فيهم قول القاضي الفاضل: أنفق من مالك قبل البلاء، فملكوا، وحاصل القضية أنه افتتح ملك بني أيوب صلاح الدين يوسف،
وختم ملكهم لصلاح الدين يوسف ولله الأمر من قبل ومن بعد {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[آل عمران: ٢٦] .