، وهذا وإنما قاله الشاعر بحسب حاله، وإلا فكل من القاضيين من خيار عباد الله الصلحاء، وكان ابن خلكان، رحمه الله، عالمًا بارعًا عارفًا بالمذهب وفنونه سديد الفتاوى، جيد القريحة كريمًا وقورًا رئيسًا عارفًا بأيام الناس حسن الذاكرة، حلو المجالسة بصيرًا بالشعر، جميل الأخلاق، له كتاب وفيات الأعيان من أحسن ما صنف في ذلك، ولما سلطن سنقر الأشقر بدمشق في أول الدولة المنصورة، وتلقب بالملك الكامل، وبايعه القضاة والأعيان ثم جاء الأمير علم الدين الحلبي وحاصر دمشق وأخرج منها سنقر الأشقر واسترجع البلد، عزل خلقًا من أرباب المناصب ورسم على القاضي ابن خلكان في
الخنانقاه النجيبية وعزله، وولى القاضي نجم الدين ابن سني الدولة، ولزمه بالانتقال من المدرسة العادلية، وألح عليه فأكرى جمالًا لينتقل إلى الصالحية، فورد المرسوم السلطاني بالعفو عمن بايع سنقر الأشقر، واستقرارهم على مناصبهم، ومعاملة القاضي بالإكرام، والاحترام ثم عزل بعد ذلك بالقاضي ابن الصائغ المرة الثانية، واستمر معزولًا وبيده الأمينية والنجيبية إلى أن توفي يوم السبت عشية السادس والعشرين من رجب سنة إحدى وثمانين وست مائة بالمدرسة النجيبية بإيوانها وشيعه خلق كثير، وقد روى عنه قاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى وبه تخرج، وشيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي،
ومؤرخ الشام الحافظ علم الدين البرزالي وخلق، ومن شعر القاضي شمس الدين ابن خلكان، رحمه الله تعالى:
أي ليل على المحب أطاله ... سائق الظعن يوم زم جماله