وقيل: هو رد الكثير إلى القليل، وفي القليل معنى الكثير.
وقال المزني: هو إيجاز اللفظ مع إبقاء المعنى. وقيل: هو إيجاز من غير إخلال معنى بالمعنى.
وقيل: هو تقليل المباني مع تكثير المعاني. وقيل: هو جمع المعنى الكثير تحت اللفظ القصير. وقيل: هو حذف الفضول مع استبقاء الأصول والأول أولى.
فإن [٨ أ/ ١] قيل: لما قال هذا وهي كلمة يشار بها إلى حاضر، وهو لم يصنف الكتاب بعد؟ قيل: جوابه ما سبق، وأيضًا يجوز أن يشار إلى حاضر العين كما قال تعالى: {هَذَا يَوْمُ لا يَنطِقُونَ: ٣٥} [المرسلات: ٣٥]، وقوله تعالى: {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ} [الصافات: ٢١] الآية.
فإن قيل: لِمَ قال: من علم الشافعي وعلم الرجل صفته، ولا يمكن اختصار الصفة كالسمع والبصر وغيره، هذا لو كان الشافعي حيًا فكيف بعد موته؟.
قيل: أراد بالعلم المعلوم ومعلومه مسائله والاختصار فيها ممكن، ويجوز أن يسمى المعلوم علمًا، كما يقال: هذا الدرهم ضرب للأمير، أي مضروبة ويقال: هذا قدرة الله، أي مقدوره، وهذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم ويراد به مقوله: ويقال في الدعاء: اللهم اغفر علمك، أي
معلومك والثاني: أنه أراد به من كتبه ومنصوصاته، ويجوز أن يعبر عن الكتاب بالعلم، قال الله تعالى: {قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا} [الأنعام: ١٤٨] أي من كتاب. وقال ابن عباس، رضي الله عنه: من يشتري لي علمًا بدرهمين.
فإن قيل: لم قال: ومن معنى قوله، والاختصار من المعنى لا يمكن إذ يصير الكلام به غير معقول، وإنما يمكن من الاختصار بالألفاظ مع توفير المعنى؟
قيل: أراد اختصرت من معاني، فقوله: واختصرت من عدة معاني على ذكر معنى واحد، ويجوز أن يراد بالمعنى المعاني، كما قال تعالى: {وَالْعَصْرِ إنَّ الإنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: ١ - ٢]، أي الناس بدليل أنه قال: {إلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [العصر: ٣].
والثاني: أراد اقتصرت [٨ ب/ ١] على ذكر معنى تعم مسائل كثيرة، وهذا اختصار المعنى في الحقيقة.
والثالث: أنه أراد بالمعنى الدليل كما يقال: ما معناك في هذا وما دليلك عليه؟ وهذا قريب من الأول.
والرابع: معناه على معنى قوله، أي خرجت المسائل في كتاب الحوالة والضمان وغيرهما على قياس مذهبه فيما لم أجد فيه نصًا، ويوضع من مكان عالي، قال الله تعالى: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا} [الأنبياء: ٧٧]، أي على القوم الذين كذبوا. وقيل: أراد من قوله: ربما هو في معناه، وسماه معنى قوله لأنه مثله في المعنى.
فإن قيل: لم قال: لأقربه على من أراده، وإنما يقال قربته منه وإليه، ومن أراد تقريب شيء إلى فهم يقول: قربت عليه، كما يقال سهلت عليه. ويقال