إمساكه إياها لا يدل على العود لجواز أن يمسكها؛ لأنها تحل له بعد اليوم فجعل العود فيه الوطئ فإن لم يطئ حتى ذهب الوقت سقط حكمه؛ لأن العود لم يحصل، وإن وطئ يلزمه كفارة الظهار ولا يحل الوطئ أيضًا بعده في ذلك اليوم حتى يكفر.
ومن أصحابنا من قال: يكون عائدًا بالإمساك؛ لأنه أمسكها على النكاح زمانًا يمكنه فيه الطلاق، وهذا اختيار المزني. وقال القفال: إذا قلنا إنه يكون ظهارًا هل يكون مؤبدًا أو مؤقتًا؟ وجهان؛ أحدهما: مؤبد، فالطلاق المؤقت يتأبد، وعلى هذا يكون العود فيه كالعود في المطلق. والثاني وهو المنصوص: أنه مؤقت، وهذا خلاف النص الصريح، ويحكي عن مالك هذا القول أنه يصير مطلقًا ويسقط التأقيت، وهو غلط لما ذكرنا. وقيل: أصل هذا الخلاف أن الظهار هل يسلك مسلك الإيلاء أو مسلك الطلاق؟ وفيه قولان. وقال القفال: العود نفس الجماع في قوله القديم، وأصل هذين القولين ها هنا أن العود ماذا؟ فإن قلنا بأنه الجماع فها هنا يصير عائدًا بالجماع ويلزمه الكفارة به، وإن قلنا إنه بالإمساك فها هنا كذلك أيضًا، وهذا غريب والاعتياد على ما سبق.
مسألة: قال: "ولو تظاهرَ وآلي، قيل له: إن وطئتْ قبلَ الكفارةِ خرجتَ من الإيلاءِ".
الفصل
قد مضت هذه المسألة بشرحها في كتاب الإيلاء، والمقصود أن الوطئ بعد الظهار لا يصير حلالًا بسبب الإيلاء وقد ذكرنا أنه هل يتحتم بتحريم الوطئ طلاقًا ويتعين؟ فيه وجهان؛ أحدهما: يتعين. ن والثاني: لا يتعين؛ لأن عجزه عن الوطئ بالتحريم كعجزه عنه بالمرض فيفيء بلسانه فيء معذور، ثم يوحد التفكير [١٤٣/ ب] عن ظهاره ولا يمهل فيه مع المكنة منه، فإذا كفر زال عذره ولزمه أن يفيء بالإصابة كالمريض إذا صح من مرضه.
[باب عتق المؤمنة في الظهار]
مسألة: قال الله تعالى في المظاهر: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} قال "فإذا كانَ واحدًا لها أو لثمنَها لم يجزْئهِ غيرها".
قدمنا أن كفارة الظهار على الترتيب ككفارة الفطر على الترتيب، فإن كان في ملكه رقبة لزمه إعتاقها، وكذلك إن لم يكن في ملكه ولكنه قادر على ثمنها فتمكن من شرائها بثمن مثلها يلزمه ذلك، ولا يجوز له العدول إلى الصوم، ويفارق هذا إن لم يكن في ملكه ابنة مخاض وقدر على شرائها يلزمه شراؤها، ويجوز له العدول إلى ابن لبون وقد ذكرنا الفرق بينهما فيما تقدم.