للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب القراض]

قال: وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه للخبر وهذا كما قال: اعلم أن عقد القَراض جائز وهو أن يدفع إلى رجل دراهم أو دنانير ليتجر فيها فما يرزق الله تعالى من الربح بينهما على ما يتشارطانه ويسمى هذا العقد باسمين القَراض والمضاربة، والقراض اسم حجازيُّ، والمضاربة [١٠٩/ أ] اسم عراقيٌّ. واشتقاق انقراض من القَرض الذي هو القطع، ولهذا سمي المقراض مقراضًا فمعناه قطع ربّ المال من ماله قطعة ويُسلمها إلى العامل ثم قطع للعامل قطعة من الربح.

وقيل: اشتقاق القراض من المقارضة التي هي الموازاة والمساواة يقال: تقارض الشاعران إذا تناشدا ووازن كل واحٍد منهما الآخر بشعره، وقال أبو الدرداء: قارض الناس ما قارضوك فإن تركتهم لم يتركوك على هذا المعنى وهذا لأن المال من أحدهما: والعمل من الآخر، ويحتمل أن يكون ذلك لاشتراكهما في الربح. واختلفوا في اشتقاق المضاربة فقيل: هو من الضرب في المال بالتصرف والتقليب برأيه واجتهاده يقال: فلان يضرب الأمور ظهرًا لبطن ومنه قوله تعالى: {وإذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} [النساء: ١٠١] أي: تصَّرفتم فيها بالسفر.

وقيل: هو من ضرب كل واحٍد منهما في الريح بسهم. وأما التسمية فالمقابض يكسر الراء رب المال لأنه هو الذي يضرب بالمال ويقلبه يقطع قطعة من ماله والمقارّض بفتح الراء العامل في المضاربة يقال للعامل: مضارب يكسر الراء لأنه هو الذي يضرب بالمال ويقلبه ولم يشتق لرب المال من المضاربة اسم بخلاف انقراض. وقال بعض أصحابنا: هو اسم رب المال وبه قال جماعة من العلماء وهو غلط لما روي عن علقة رضي الله عنه أنه قال: إذا خالف المضارب فلا ضمان هما على ما شرطا" والمخالفة أبدًا من جهة العامل. فإذا تقرر هذا فالأصل في جواز القراض الكتاب والسنة والإجماع.

أما الكتاب فقوله تعالى: {وآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ} [المزمل: ٢٠] الآية.

وأما السنة فما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم ضارب [١٠٩/ ب] خديجة رضي الله عنها بأموالها إلى الشام وأنفذت معه لخدمته عبدًا لها يقال له مَيسرة.

وقال ابن عباس رضي الله عنه: كان العباس رضي الله عنه إذا دفع مالًا مضاربةً اشترط على صاحبه أن لا يسلك به بحرًا ولا ينزل به واديًا ولا يشتري به ذات كبٍد رطبٍة

<<  <  ج: ص:  >  >>