الطهر لاستحالة ورود (الفساد) بعد الفراغ من الصلاة، ومنافاة الثاني الأول كما قلنا في المثال الذي ذكرناه، وهذا واضح، ولا يصح عصرها أيضًا؛ لأن الأحوال الأربعة التي ذكرناها تمنع كون العصر محسوبا لها فتأملها. وأما الخنثى الذي كان إمامًا في الظهر فظهره جائز بجواز كونه على الطهارة، ولم يأتم فيه بأحد فصح له. وأما الصبح نلا يصح لأنه لا يحتمل أن يكون هو والرجل الذي هو إمام الصبح على الطهارة في شيء من هذه الأحوال، فلا ينبغي له أن يأثم به، فإذا: فعل ذلك بطلت صلاته. وأما العصر فلا يجوز لأن صلاة الخنثى [٢٣٧ أ/١] خلف الخنثى لا تجوز، فإن قيل: على قول بعض أصحابنا لجواز صلاة الخنثى خلف الخنثى هل تصح صلاة العصر منه؟ قيل: لا يجوز العصر على قول هذا القائل أيضًا، لأنه لا يحتمل أن يكونا على الطهارة في واحد من هذه الأحوال الأربعة، وإنما كان يصح ذلك على قوله: لو احتفل ذلك فإذا لم يحتمل وجبت الإعادة.
وأما الخنثى الذي كان إماما في العصر فصبحه صحيح له، لجواز أن كون الرجل على الطهارة، وعصره جائزًا أيضًا لأنه كان إمامًا في العصر مع جواز كونه على الطهارة وطهره لا يصح، لأن صلاة الخنثى خلقي الخنثى لا يصح، وعلى قول القائل الآخر لا تصح أيضًا،
لأنه لا يجوز أن يكون هو والخنثى الآخر الذي هو إمامه في الطهر على الطهارة في واحد من هذه الأحوال الأربعة وإذا قلنا بالقول الذي يوجب الوضوء على الملموس لم تصح صلاة الخنثيين ولا واحد منهما لبطلان طهرهما، وحكم الرجل والمرأة على ما ذكرنا في القول الأول ذكره والدي - رحمه الله.
[باب المسح على الخفين]
قال الشافعي: أخبرنا عبد الوهاب، وذكر الخبر. وهذا كما قال جملته: أن المسح على الخفين جائز، وبه [٢٣٧ ب/١] قال عمر، وعلي، وسعد بن أبي وقاص، وابن مسعود، وابن عباس - رضي الله عنهم - وقال الحسن البصري، حدثني سبعون من أصحاب النبي صلى الله عليه أنه مسح على الخفين، وقال النخعي: من رغب عن المسح على الخفين، نقد رغب عن سنة محمد صلى الله عليه وسلم وبه قال عامة الفقهاء، وقالت الشيعة، والخوارج: لا يجوز المسح على الخفين.
وحكي ذلك عن أبي بكر بن داود، وهو رواية ابن أبي ذنب، عن مالك أنه أبطل المح على الخفين في آخر أيامه. وروى الشافعي عنه أنه قال: يكره ذلك، وعنه رواية ثالثة أنه يمسح في السفر دون الحضر، وهو الصحيح عنه، ويحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة محسوا في السفر درن الحضر، وعنه رواية خامسة أنه يمسح أبدًا من غير تأتيت، وهو قول الشافعي في القديم، وعنه رواية سادسة مثل قولنا، والدليل على كلهم