فصل:
وإذا خالع الرجل زوجته المدخول بها على طلقة واحدة بعوض ثم تزوجها في عدتها وطلقها في النكاح الثاني قبل دخوله بها كان لها نصف المهر المسمى في النكاح الثاني:
وقال أبو حنيفة: لها فيه جميع المهر وإن لم يدخل بها استدلالًا بأمرين:
أحدهما: أنه نكاح قد وجب عليها فيه العدة فوجب أن يكمل لها فيه جميع المهر كالمدخول بها.
والثاني: أن حكم الوطء موجود فيه للحوق ولدها فوجب أن يثبت حكمه في كمال المهر.
ودليلنا في قول الله تعالى: {وإن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: ٢٣٧] وهذا نكاح لم يمسها فيه فوجب أن لا يستحق من المفروض لها إلا نصفه وأنها مطلقة من نكاح لم يصبها فيه فوجب أن ينتصف صداقها كما لو طلقها بعد انقضاء عدتها.
فأما استدلاله بأنها تعتد منه فليس بصحيح لأنها تعتد من الأول دون الثاني لأنها تأتي بباقي العدة دون جميعها.
وأما استدلاله بأن حكم الوطء يلحق ولدها به موجود فيه ففاسد لأن لحوقه بالنكاح الأول دون الثاني لأمرين:
أحدهما: أنها لو وضعته لأقل من ستة أشهر من النكاح الثاني لحق به.
والثاني: أنه إن لم يتزوجها بالعقد الثاني وجاءت بولد لأقل من أربع سنين من فراق النكاح الأولى لحق به. والله اعلم.
[باب المتعة]
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "جَعَلَ اللهُ المُتْعَةَ لِلْمُطَلَّقَاتِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ إِلَّا الَّتِي فُرِضَ لَهَا وَلَمْ يُدْخَلْ بِهَا فَحَسْبُهَا نِصْفُ المَهْرِ".
قال في الحاوي: أما النفقة فما قدمناه من المال المستحق بالفرقة في النكاح مأخوذ من المتاع وهو كل ما استمتع به من المنافع ومنه قول الشاعر:
وَكُلُّ عِمَارَةٍ مِنْ حَبِيبٍ لَهَا بِكَ لَوْ لَهَوْتَ بِهِ مَتَاعُ
والكلام في هذه المسألة يشتمل على الطلاق الذي يستحق به المتعة والطلاق ينقسم ثلاثة أقسام:
قسم يوجب المتعة.