الله تعالى عليه وخالف القصاص المستحق للآدمي وبالله التوفيق.
[باب عفو المجني عليه ثم يموت وغير ذلك]
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله:((ولو قال المجني عليه عمدا قد عفوت عن جنايته من قود وعقل ثم صح جاز فيما لزمه بالجناية ولم يجز فيما لزمه من الزيادة لأنها لم تكن وجبت حين عفا.
قال في الحاوي: وهذا كما قال، إذا كانت جناية العمد على طرف كإصبع فعفا المجني عليه عنها لم يخل حالها من ثلاثة أقسام:
أحدهما: أن تندمل.
والثاني: أن تسري إلى النفس.
فأما القسم الأول: وهو أن تندمل الجناية ولا تسري فهو مسطور المسألة، فإذا كانت على إصبع قطعها فاندملت لم يخل حال العفو عنها من ثلاثة أقسام:
أحدهما: أن يعفو عما وجب بها من قود وعقل.
والثاني: أن يعفو عن القود وحده.
والثالث: أن يعفو عما وجب بها على الإطلاق.
فأما القسم الأول: وهو أن يعفو عما وجب بها من قود وعقل فيصح عفوه عنهما جميعا فلا يستحق بها قودا ولا دية وهو قول أبي حنيفة وجمهور الفقهاء.
وقال المزني: ((يصح عفوه عن القود ولا يصح عفوه عن الدية)) لأن القود وجب قبل عفوه والدية لم تجب إلا بعد عفوه، لأنه لو طلب القود قبل الاندمال استحقه ولو طلب الدية قبل الاندمال لم يستحقها، والعفو عما وجب صحيح وعما لم يجب مردود، وهذا فاسد، لأن الدية مستحقة بالجناية وإنما يتأخر استيفاؤها إلى الاندمال كالديون المؤجلة بدليل أن عبدا لو جني عليه فباعه سيده قبل اندمال جنايته ثم اندملت في يد مشتريه كان أرشها لبائعه دون مشتريه، لأن استحقها بالجناية الحديثة في ملكه ولم يستحقها المشتري وإن اندملت في ملكه فصار ذلك عفوا عما وجب له، وإن لم يستحق قبضها، وفيه انفصال عما احتج له.
وأما القسم الثاني: وهو أن يعفو عن القود فلا يكون ذلك عفوا عن الدية ويكون عفوا مقصورا على القود وحده، لأنه لما خصه بالذكر اختص بالحكم.
وأما القسم الثالث: وهو أن يعفو عما وجب بالجناية ولا يسمى قودا ولا عقلا