فيكون ذلك عفوا عن القود، وهل يكون عفوا عن الدية أم لا؟ على قولين: بناء على اختلاف قوليه فيما توجبه جناية العمد.
فإن قيل: إنها توجب أحد الأمرين من القود أو العقل كان ذلك عفوا عن الدية كما كان عفوا عن القود لوجوب الدية بالجناية كوجوب القود بها.
وإن قيل إنها توجب القود وحده على التعيين ولا تجب الدية إلا باختيار المجني عليه لم يصح عفوه عن الدية وإن صح عفوه عن القود، لأن القود وجب والدية لم تجب، فهذا حكم الجناية إذا اندملت.
وأما القسم الثاني: وهو أن تسري إلى ما دون النفس كسرايتها من الإصبع إلى الكف فلا قود في الكف لثلاثة معان:
أحدهما: أن سقوط القود في أصل الجناية موجب لسقوطه فيما حدث عنها.
والثاني: أن السراية إلى الأطراف لا توجب القود وإن وجب بالسراية إلى النفس لما قدمناه من الفرق بينهما.
والثالث: أن أخذ الكف مع استيفاء الإصبع غير ممكن، فأما دية ما ذهب بالسراية من الكف فواجب مستحق لا يسقط بالعفو عن دية الإصبع لثلاثة معان:
أحدهما: أنه لم يتوجب إليه عفو.
والثاني: أنه لم يجب عند العفو ولم يتوجب إليه عفو.
والثالث: أن الدية لما تبعضت لم يسر العفو عن بعضها إلى جميعها، والقود لما لم يتبعض سرى العفو عن بعضه إلى جميعه، ويلزمه أربعة أعشار الدية أربعون من الإبل، لأن في الإصبع المعفو عنها عشر الدية.
وأما القسم الثالث: وهو أن تسري جناية الإصبع إلى النفس فيموت منها فلا قود في النفس لمعنى واحد، وهو أن سقوط القود في أصل الجناية يوجب سقوط فيما حدث عنها، وعليه دية النفس إلا قدر دية الإصبع إذا صح العفو عن ديتها، لما قدمناه من المعاني الثلاثة، فيلزمه تسعة أعشار الدية، لأن دية الإصبع عشرها إلا أن يمنع من الوصية للقاتل، عل ما سنذكره فيلزمه جميعها.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: ((ولو قال: قد عفوت عنها وما يحدث منها من عقل وقود ثم مات منها فلا سبيل إلى القود للعفو ونظر إلى أرش الجناية فكان فيها قولان أحدهما أنه جائز العفو عنه من ثلث مال العافي كأنها موضحة فهي نصف العشر ويؤخذ بباقي الدية. والقول الثاني أن يؤخذ بجميع الجناية لأنها صارت نفسا وهذا (قاتل) لا