ولم يبق ما يعتبر من أحواله غير سؤاله عن طباعه الجاذبة له إلى أحد الجنسين سئل عنها للضرورة الداعية إليها كما تسأل المرأة عن حيضها فيرجع فيه إلى قولها فإن قال: أرى طبعي يحدثني إلى طبع النساء وينفر من طبع الرجال عمل على ما أخبر به من طبعه في أصل الخلقة لا على ما يظهر من تأنيث كلامه أو تذكيره لأن في الرجال وقد يكون مؤنثًا يتكلم بكلام النساء والمرأة قد تكون مذكرة تتكلم بكلام الرجال.
قال: ولا يعمل على ما يشتهيه فإن الرجل قد يشتهي الرجل والمرأة قد تشتهي المرأة وإنما الطباع المذكورة في أصل الخلقة والقائمة في نفس الجبلة النافرة مما اعتادتها بغير تصنّع هي المعتبرة ويكون قوله هو المقبول إذ قد عدم الاستدلال بغير قوله كالمرأة التي تقبل قولها في حيضها وطهرها. وإذا كان كذلك قيل له: أخبرنا عن طبعك فإذا قال: يجذبني إلى طباع النساء قبل قوله بغير يمين لأنه ليس فيه حق لغيره فيحلف عليه لأنه لو رجع لم تقبل منه وحكم بأنه امرأة وزوج رجلًا فإن عاد بعد ذلك فقال: قد استمال طبعي إلى طباع الرجال لم يقبل منه وكان على الحكم بما تقدم من كونه امرأة وعقد النكاح على صحته وإذا علم الزوج بأنه خنثى فله الخيار هاهنا قولًا واحدًا لأن الإشكال لم يزل إلا بقوله الذي يجوز أن تكون فيه كما ذكرنا وكان أسوأ حالًا ممن زال إشكاله بأسباب غير كاذبة ولو كان قد قال هذا الخنثى حين سئل عما يجذبه طبعه إليه أرى طبعي يجذبني إلى طباع الرجال حكم بأنه رجل وقبل قوله في نكاحه وفيما أخبر به من جميع أحكامه وهل يقبل قوله فيما اتهم فيه من ولايته وميراثه أم لا؟ على قولين:
أحدهما: لا يقبل منه لتهمته فيه وحكاه الربيع عنه.
والثاني: وهو المشهور في أكثر كتبه أنه يقبل منه لأن أحكامه لا تتبعض فيجري عليه في بعضها أحكام الرجال وفي بعضها أحكام النساء وإذا جرى عليه حكم النساء في شيء أجرى عليه أحكام النساء في كل شيء وإذا جرى عليه حكم الرجال في شيء أجرى عليه حكم الرجال في كل شيء وإذا حكم بأنه رجل زوج امرأة ولم يقبل منه الرجوع إذا علمت المرأة بحاله فلها الخيار في فسخ نكاحه قولًا واحدًا, والله أعلم بالصواب.
قال في الحاوي: أما الإحصان في اللغة فهو المنع يقال: قد أحصنت المرأة فرجها إذا امتنعت من الفجور قال الله تعالى: {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا}[الأنبياء: ٩١] أي منعته ويقال: مدينة حصينة أي منيعة قال الله تعالى: {فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ}[الحشر: ١٤] أي ممنوعة.