للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب قطع اليد والرجل في السرقة]

قال الشافعي رضي الله عنه: أخبرنا بعض أصحابنا عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في السارق:" إذا سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا يده ثم إن سرق فاقطعوا رجله". اعلم أنه إذا سرق من يجب عليه القطع تقطع يده اليمنى أولًا لقراءة ابن مسعود: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْمَانهُمَا} وقال أبو بكر وعمر رضي الله عنهما: إذا سرق السارق فاقطعوا يمينه. ولأن البطش باليد اليمنى أقوى فليبدأ بقطعها ليكون أردع للسارق، ثم أن سرق ثانيًا تقطع رجله اليسرى، وقال عطاء: [٧٣/ب] تقطع يده اليسرى لأنها أقرب إلى يده اليمنى وهذا غلط لما ذكرنا من الخبر، ولأن في قطع الطريق يجمع بين يده اليمنى ورجله اليسرى كذلك ها هنا وإنما قطعت رجله اليسرى لأنه أرفق به لأنه (لا) يمكنه أن يمشي على خشبةٍ، ولو قطعت رجله اليمنى بعد يده اليمنى لم يمكنه ذلك ثم قال: إذا سرق الثالثة تقطع يده اليسرى، ثم إذا سرق الرابعة تقطع رجله اليمنى، وروي ذلك عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وقتادة ومالك وإسحاق وأبي ثور رحمهم الله، وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال: لا يقطع في الثالثة والرابعة وبه قال الثوري وأبو حنيفة والشعبي والنخعي وحماد والأوزاعي وأحمد. واحتجوا بما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال: لم يزد النبي صلى الله عليه وسلم على قطع اليد والرجل، وكان علي يقول: إذا سرق السارق تقطع اليد والرجل فإذا سرق عوقب وسجن وأطعم من فيء المسلمين، وقال أيضًا: إني لأستحي من الله أن أدعه ليس له يد يأكل بها ولا رجل يمشي عليها، وروي أنه لم يقطع بعد يدٍ ورجلٍ، وقال: بأس شيء يمسح بأي شيء يأكل على أي شيءٍ يمشي إني لأستحي من الله تعالى. ولأن فيه إتلاف منفعة الجنس فلا يجوز كالقتل. ودليلنا ما ذكرنا من الخبر.

وروى جابر رضي الله عنه أنه قال: جيء بسارق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اقتلوه، فقالوا: يا رسول الله [٧٤/أ] إنما سرق فقال: اقطعوه فقطع ثم جيء به الثانية فقال: اقتلوه فقالوا: يا رسول الله إنما سرق فقال: اقطعوه فقطع ثم جيء به الثالثة فقال: اقتلوه فقالوا يا رسول الله إنما سرق فقال: اقطعوه فقطع ثم جيء به الرابعة فقال: اقتلوه فقالوا: يا رسول الله إنما سرق فقال: اقطعوه فقطع فأتي به في الخامسة فقال: اقتلوه قال جابر: فانطلقنا به فقتلناه ثم ألقينا في بئر ورمينا عليه الحجارة فإن قيل: أنتم لا تقولون بالقتل في الخامسة؟ قلنا صار منسوخا بقوله صلى الله عليه وسلم:" لا يحل دم امرئٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>