للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولان، وقيل: إذا شرط في أمانة إلزام حكمنا حددناه وإلا فلا.

[باب حد القذف]

مسألة: قال: إذا قذف البالغ حرًا بالغًا مسلمًا [٣٩/ب] أو حرةً بالغةً مسلمةً حد ثمانين.

اعلم أن حد قذف المحصنة حرامٌ وهو من الكبائر والأصل فيه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَاتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور:٤] الآية، وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اجتنبوا السبع الموبقات" قالوا: يا رسول الله ما هن؟ قال: "الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات" وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قذف المحصنة يحبط عمل مائة سنة" وروى ابن عباس رضي الله عنه "أن رجلًا أقر بالزنا فجلده رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة جلدةٍ فلما أتى مجلودًا قال: من صاحبتك قال: فلانة فدعاها فسألها فقالت: كذب من شهودك أنك خبثت بها فإنها تنكر قال: والله مالي شهداء فأمر به فجلد حد الفرية ثمانين جلدة".

واعلم أن القذف بغير الزنا لا يوجب الحد، والفرق أن القذف بالزنا أعر وهو بالنسل أضر بخلاف القذف بغيره، وأيضًا فالمقذوف بالكفر يقدر على نفيه عن نفسه بإظهار الشهادتين ولا يقدر على نفي الزنا عن نفسه. ثم اعلم أن القذف بالزنا [٤٠/أ] يوجب ثمانين جلدة إذا قذف محصنًا أو محصنةً لظاهر الآية وشرائط الإحصان خمس البلوغ، والعقل، والحرية، والإسلام، والعفة عن الزنا سواء كان عدلًا أو فاسقًا فإن كان المقذوف صبيًا أو مجنونًا أو كافرًا أو عبدًا أو زانيًا لا حد على قاذفه ويعزر. وأما القاذف فلا يعتبر إحصانه ولكن يعتبر فيه شرطان البلوغ، والعقل فإن كان بالغًا عاقلًا حد ويختلف في مقدار الحد بحريته ورقه فإن كان حرًا جلد ثمانين جلدةً، وإن كان عبدًا جلد أربعين جلدةً وإنما اعتبرنا رق القاذف وحريته لأن القذف معصية يتعلق بها الحد يختلف بالرق والحرية فيعتبر رق فاعله وحريته وبه قال أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم وجماعة الفقهاء، وقال داود: يحد قاذف العبد ولو قذف العبد: يحد ثمانين. وبه قال عمر بن عبد العزيز والزهري والأوزاعي، وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه جلد عبدًا في القذف أربعين ثم جلد عبدًا آخر ثمانين ثم قال: ذاك برأيي وهذا بكتاب الله تعالى ودليلنا ما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما رجل قذف مملوكه وهو بريء مما قال أقيم عليه الحد يوم القيامة إلا أن يكون كما

<<  <  ج: ص:  >  >>