مسألة: قال: ((ويسن للمسافر أن لا يتيمم إلا بعد دخول [١٦١ ب/ ١] وقت الصلاة)).
الفصل
وهذا كما يقال: لا يجوز التيمم إلا بوجود خمس شرائط متفق عليها، وسادس مختلف فيه بين أصحابنا. فأما المتفق عليها فدخول الوقت، وطلب الماء بعد الدخول، ووجود العذر من سفر أو مرض أو غيرهما، والنية للمكتوبة.
وأما المختلف فيه فتعيين النية. وقال ابن أبي أحمد: فرض التيمم ستة: طلب الماء، والنية للمكتوبة، والقصد إلى التراب، ومسح الوجه واليدين، والترتيب. وعندي كلاهما غير صحيح، لأنه يخلط الشرائط بالأركان، والأولى أن يقال شرائط التيمم هي أربعة: دخول الوقت، وطلب الماء، وإعوازه بعد الطلب، ووجود العذر على ما ذكرنا، وإن كان التيمم ... النذر على الوصف الذي ذكرنا، ومسح الوجه واليدين، والترتيب، والقصد إلى التراب، وقيل هي خمسة ويدل القصد إلى التراب، التراب الظاهر ذكره في الحاوي، وفي ((القديم)): زاد الموالاة فيكون ستة، وأما سنة التيمم قال أصحابنا: شيئان التسمية والبدأة باليمين، وعندي أنها ثلاث، والثالثة: تخليل الأصابع ومسح إحدى الراحتين على الأخرى على ما تقدم بيانه، ويكره فيه التكرار، فإذا تقرر هذا فاعلم أنه لا يجوز التيمم لفريضة الوقت قبل دخول وقتها، وبه قال مالك، وأحمد، وداود، وقال الزهري: لا يجوز التيمم لها حتى يخاف فوت الوقت [١٦٢ أ/ ١] ولا يصلي به حتى يتضيق وقتها ويخاف الفوت أيضاً. وقال أبو حنيفة: يجوز التيمم لها قبل الوقت كالوضوء. واحتج الشافعي عليه بظاهر قوله تعالى:{إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وجُوهَكُمْ} إلى قوله {لَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا}[المائدة: ٦] والقيام إلى الصلاة إنما يكون بعد دخول الوقت.
فرع
قال بعض أصحابنا بخراسان: وقت التيمم لصلاة الخسوف عند الخسوف، ولصلاة
الاستسقاء عند خروج الناس إلى الصحراء، ولصلاة الجنازة إذا غسل الميت، ولتحية المسجد بعد دخول المسجد، وقيل: عند دخول المسجد، ولصلاة العيدين عند الدخول فيها وللسنن الراتبة، بعد حضورها، وقيل: هل يجوز لصلاة بعد الموت قبل غسله؟ وجهان: أحدها: يجوز لأنها قد وجبت بالموت. والثاني: لا يجوز لأنه لا يستبيح فعلها قبل الغسل، وفي هذا عندي نظر، لأنه إذا تيمم لصلاة النافلة مطلقاً يجوز أن يؤدي هذه الصلوات إلا صلاة الجنازة، فإن فيها كلاماً يشترط في صحة أدائها بالتيمم قبل دخول وقتها.