ولم يخرج منه إلا دم قليل قبل أن يصل إليه الذاع حل أكله، وإن بقى الدم في أجزائه.
والثاني: أنه طاهر، وبه قال أبو حنيفة؛ ليس بدم حقيقة بل هو ماء أحمر لأن الدم يسود إذا أصابته وها لا يسود، ومن أصحابنا من قال: إن قلنا هو رطوبة شبه الدم فهو طاهر وجهًا واحدًا، وإن قلنا إنه دم ففيه وجهان، وهذا الخلاف من ورثه وبوله، والفتوى عندي أن الكل طاهر؛ لأنه رخص في ابتلاعه حيًا وأكله ميتًا، فلا وجه للحكم بنجاسة شيء منه، ثم ختمك المزني هذا الباب بما مضى بيانه فلا نعيد.
فرع آخر
سؤر الفرس لا يكره وه طاهر، وقال أبو حنيفة: يكره وهذا خطأ لأنه حيوان يجوز بيعه كالشاة (٢١١ ب/ ١).
[باب الماء الذي ينجس والذي لا ينجس]
قال الشافعي: أَخْبَرَنَا الثَّقةُ عَنْ الْوّلِيدِ بْنِ كَثِير، وَذَكرَ الْخَبَر)) وهذا كما قال، وقد ذكرنا حك الماء إذا ورد على النجاسة، والكلام الآن في النجاسة إذا وردت على الماء، وفي بيان القدر الذي ينجس، والذي لا ينجس، فلا خلاف بين العلماء في الماء إذا تغير بمخالطة النجاسة أنه ينجس، وإن كان كثيرًا راكدًا أو جاريًا، وأما إذا لم يتغير اختلفوا فقال ابن عباس، وحذيفة، وأبو هريرة، والحسن، والنخعي، وسعيد بن المسيب، وعكرمة، وأبن أبي ليلى، وحماد بن زيد، والقاسم بن محمد، ومالك، والأوزعي، والثوري- رضي الله عنهم:- لا ينجس قليلًا كان أو كثيرًا. وبه قال داود، وأهل الظاهر، واختاره ابن المنذر، وهو اختياري واختيار جماعة من العلماء الذين رأيتهم بخراسان والعراق.
وحكى عن داود أنه قال: إذا بال في الماء الراكد ولم يتغير فإنه لا ينجس، ولا يجوز أن يتوضأ منه للخبر، ويجوز لغيره أن يتوضأ منه، وإذا تغوط فيه ولم يتغير لا ينجس ويتوضأ هو منه وغيره، وإن بال على الشط فجرى البول إلى الماء جاز له التوضئ منه إذا لم يتغير،
وخطأه في هذا بين لا يحتاج إلى الدلالة عليه. واحتجزوا بما روى، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"خلق الله (٢١٢ أ/ ١) الماء طهورًا لا ينجسه شيء إلا ما غير طعمه أو ريحه". وروى أبو أمامه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ينجس الماء إلا ما غير طعمه أو ريحه". وروى عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- قال: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررنا بغدير فيه شاة ميتة فامتنعنا أن نشرب منه، أو نتوضأ فقال: