لو كان عليه دين مجهول فقال: أبرأتك من درهم إلى ألف درهم صح الإبراء من الألف، ولو قال: لا حق لي قبل فلان ولا طلبه جاز وهذا إقرار وليس بإبراء.
فرع آخر
لو كان عليه دين مجهول لا يعرف مقداره فأخذ به ثوبًا لا يجوز ووافقنا فيه أبو حنيفة فتقيس عليه الإبراء من الدين المجهول بعلّة أنه إسقاط دين مجهول فلا يصح.
[باب الاستبراء في البيع]
مسألة: قال: وإذا باع جارية لم يكن لأحد منهما فيها مواضعة.
إذا باع جارية من رجل وسلم ثمنها وجب على البائع تسليمها لأنه تسلم ثمن سلعته فلا معنى لمنعها ولا يجبر [١٨٣/ أ] البائع على تعديلها ولا يجبر المشتري على ذلك أيضًا وقصد به الرد على مالك حيث قال: لا يجب على المشتري دفع الثمن ولا على البائع تسليم الجارية حتى تحيض وتطهر وهو تمام الاستبراء، إذا كان المشتري شابًا.
وحكي عن مالك: إن كانت جميلة لا يلزمه تسليمها بل يضعها على يد عدل حتى تستبرئ، وإن كانت قبيحة أجبر على تسليمها لأنه يلحقه التهمة في الجميلة. واحتج الشافعي عليه بأن قال: لو كان لا يلزم دفع الثمن حتى تحيض وتطهر كان البيع فاسدًا للجهل بوقت وجوب دفع الثمن وفساد آخر، أن الجارية لا مشتراة شرى العين فيكون لصاحبها أخذها ولا بيع الصفقة فيكون الأجل معلومًا فعرفنا أن انتزاع الجارية من يد البائع وتعديلها للاستبراء ومنعها من المشتري لا يستقيم على النظر فيسلم إلى المشتري ويؤمن باجتنابها إلى أن يتم استبراءها، ولا يراعي التهمة لأن الظاهر العدالة والسلامة فإذا تقرر هذا ظاهر ما قال ها هنا يوهم أنهما لو تواضعا على تعديلها صح بيعها، وليس كذلك لأن البائع [١٨٣/ ب] لو قال: بعت منك هذه الجارية بشرط أن يعدلها للاستبراء ولا أسلّمها إليك وإن سلمت الثمن كان البيع باطلًا لأنه شرط أيضًا وموضوع العقد فيحتمل أن يريد الشافعي بلفظ المواضعة شرط التعجيل والتأجيل في الثمن فكأنه قال: إن اشتراط تأجيل الثمن وجب على البائع تسليم الجارية في الحال، وإن لم يكن لها في الثمن شرط تأجيل ومواضعة مدة ونسيه لم يلزم البائع تسليمها ما لم يدفع المشتري ثمنها، فإذا دفع الثمن لزم البائع التسليم ولا يجبر واحد منهما على إخراج ملكه من يده إلى غيره.
وأما قوله: ولا يجوز بيع العين إلى أجل حجة أخرى على مالك لأنه يقول: تسليمها مؤخرًا إلى استبرائها فيكون بيع عين إلى أجل وذلك لا يجوز بالإجماع.
وأما قوله ولا للمشتري أن يأخذ منه حميلًا بعهده معناه: أن البيع إذا كان مطلقًا فليس للمشتري أن يقول للبائع بعد البيع أطالبك بجميل يضمن عنك عهدة البيع والجميل في لسانهم الكفيل، وإنما لم يكن للمشتري ذلك لأن العقد مطلق فلا يطالبه به كما لا يطالبه [١٨٤/ أ] بكفيل يتكفل بثمنه سواء كان البائع غريبًا أو مقيمًا مليئًا أو مُعدمًا بارًا أو فاجرًا.
وأما قوله: وإنما التحفظ قبل الشراء دليل على أن الشراء بشرط أن يعطي البائع ضامن درك يجوز، وإن كان بشرط أن يعطيه كفيلًا ببدنه حتى إذا خرج مستخفًا أحضر البائع يجوز