وأما ضمان ما لم يجب كقوله: من عامل فلانًا وادينه فعلى ضمان دينه.
فمذهب الشافعي: أنه ضمان باطل سواء عين المداين أو لم يعينه وسواء ذكر للدين قدرًا أو لم يذكره لأن الضمان لازم إن صح وما لم يجب فليس بلازم فلم يصح ضمانه.
فإن قيل: أفليس ضمان الدرك صحيح وهو ضمان ما لم يجب؟
قيل: الدرك إذا استحق فوجوبه قبل الضمان وهو معلوم القدر فصار ضمانه ضمانًا واجبًا معلومًا.
فهذا مذهب الشافعي في ضمان ما لم يجب وليس بواجب في الحال أنه باطل.
وقال أبو إسحاق المروزي: يصح ضمان ما لم يجب بشرطين:
أحدهما: أن يكون لإنسان معين فإن كان لغير معين لم يصح.
والثاني: أن يكون في معلوم مقدر فإن كان في مقدر لم يصح اعتبارًا بضمان الدرك.
وليس لهذا الجمع وجه والفرق بينهما: أن استحقاق الدرك يقتضي وجوبه قبل الضمان فصح وما تعامل به مستحق بعد الضمان فلم يصح، والله أعلم.
[باب عفو المهر وغير ذلك]
قال الشافعي رحمه الله تعالي: قال الله تعالى {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}[البقرة: ٢٣٧] قال: والذي بيده عقدة النكاح الزوج وذلك أنه إنما يعفو من ملك فجعل لها مما وجب لها من نصف المهر أن تعفو وجعل له أن يعفو بأن يتم لهم الصداق وبلغنا عن على بن أبي طالب رضي الله عنه أن الذي بيده عقده النكاح الزوج وهو قول شريح وسعيد بن جبير وروى عن ابن المسيب وهو قول مجاهد. قال الشافعي رحمه الله تعالي: فأما أبو البكر وأبو المحجور عليه فلا يجوز عقدهما كما لا تجوز لهما هبة أموالها".
قال في الحاوي: وأصل هذا قوله تعالى: {وإن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً}[البقرة: ٢٣٧] وهذا خطاب للأزواج في طلاق النساء قبل الدخول وهو أولى الطلاقين لمن كان قبل للدخول كارهًا.