قال في الحاوي: وهذا صحيح إذا كان مع المستجدة في قسم الابتداء لم يجز أن يخرج من عندها لئلا يقسم في المتقدمات في الانتهاء وجاز أن يخرج من عندها نهارًا في أشغاله ومتصرفاته لأن حكم القسمين سواء لكن العادة جارية بأن تكون ملازمته للمستجدة في نهار قسمتها أكثر من المتقدمة ليتعجل بذلك أنسها ويقوى به ميلها لكننا لا نحب له أن يتخلف بها عن حضور صلاة الجمعة وعيادة المرضى وتشييع الجنائز ولا عن بر كان يفعله وإن دعي إلى وليمة أجاب ويختار له في هذا القسم إن كان معتادًا الصيام والتطوع أن يفطر فيه لأنها أيام بعال وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في أيام التشريق: «ألا إنها أيام أكل وشرب وبعال فلا تصوموا»، والله أعلم.
قال في الحاوي: وهذا كما قال: إذا كان للرجل أربع زوجات وأراد سفرًا فهو بالخيار بين ثلاثة أحوال:
أحدهما: أن يسافر بجميعهن فله ذاك إذا كان سفره مأمونًا؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سافر بجميع نسائه في حجة الوداع، ولأنه يستحق الاستمتاع بهن في السفر كما يستحق في الحضر، فإذا سافر بهن كن على قسمهن في السفر كما كن عليه في الحضر فإذا امتنعت واحدة منهن أن تسافر معه صارت ناشزًا وسقط قسمها ونفقتها؛ إلا أن تكون معذورة بمرض لعجزها عن السفر فلا تعصى، ولها النفقة ولا يلزمه قضاء قسمها؛ لأنه قد بذل ذلك لها فكان الامتناع من جهتها، وإن عذرت فيه بأن كان سفره في معصية وامتنعن من السفر لأجل المعصية لم يكن ذلك عذرًا لهن عن التأخير إذا أمن؛ لأنه ليس يدعوهن إلى معصية وإنما يدعوهن إلى استيفاء حق لا يسقط بالمعصية، فإن أقمن بذلك على امتناعهن نشزن وسقط قسمهن ونفقتهن.
فصل:
والثانية: أن يتركهن في أوطانهن ولا يريد السفر بواحدة منهن فله ذلك؛ لأنه لو اعتزلهن وهو مقيم جاز فإذا اعتزلهن بالسفر كان أولى بالجواز إذا قام بما يجب لهن من الكسوة والنفقة والسكنى فإذا خفن على أنفسهن إذا سافر عنهن لزمه أن يسكنهن في موضع يأمن فيه فإن وجد ذلك في وطنه وإلا نقلهن إلى غيره من المواطن المأمونة فإن أمرهن بعد سفره عنهن أن يخرجن إليه لزمهن الخروج إذا كان السفر مأمونًا ووجدن ذا محرم فإن