وهذا كما قال: سميت الشفعة شفعة لأن الرجل إذا أراد بيع داره أتاه شريكه أو جاره يشفع إليه فيما يبيع فسميت شفعة وسمي طالبها شفيعًا وهذا قول أبي محمد بن قتيبة وقيل: سميت به لأن طالبها جاء تاليًا للمشتري فكان ثانيًا بعد أول فسمي شفيعًا لأن الاثنين شفع والواحد وتر وسمي الطلب شفعة، وقال ثعلب: الشفعة الزيادة ولهذا إذا أضيف إلى الوتر غيره صار شفعًا، والشفيع يضم نصيب شريكه إلى نصيبه فيصير نصيبه زائدًا بعد أن كان ناقصًا، والشفعة في الشرع حق تملك لدفع الضرر عن الملك بإخراج الدخيل في الملك، وحكي عن الأصم وإسماعيل ابن علية أنه لا أصل للشفعة وهي باطلة وهذا قول متروك عليهما والأصل فيها الكتاب والسنة [٦٠/ ب] والإجماع، أما الكتاب فقوله تعالى:{وتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ والتَّقْوَى}[المائدة:٢] وهذا من جملة البر.
وأما السنة ما روي جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الشفعة في كل شرك ربعة أو حائط لا يصلح أن يباع حتى يؤذن شريكه فإن باعه فهو أحق به"، وروي أنه قضي بالشفعة في كل شرك ما لم يقسم ربعة أو حائط لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك فإن باع ولم يؤذنه فهو أحق به بالثمن والربع والربعة المنزل الذي يربع به الإنسان ويتوطنه يقال: هذا ربع وهذه ربعة كما قالوا: دار وداره وقيل: الربع اسم للدار مع بنائها والحائط اسم للبستان مع غراسه، وروى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة".
وروي عن جابر أنه قال: إنما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل مل لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة وكلمة إنما تعمل بركنيها فهي مثبتة للشيء نافية لما سواه وهذا يدل على أنه لا شفعة في المقسوم، وقال الأزهري: قال أهل العربية: إنما تقتضي إيجاب شيء ونفي غيره كقولهم إنما المرء بأصغريه بقلبه ولسانه ومعناه أن كمال المرء بهذين العضوين وإن صغرا منظرًا، واعلم أن الشافعي روى قوله