اختلاف مذاهبهم بما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يليط أولاد البغايا في الجاهلية بآبتئهم في الإسلام، ومعنى يليط أي يلحق.
قالوا: ولأن لما كان انتفاء الولد عن الواطئ باللعان لا يمنع من لحوقه به بعد الاعتراف فكذلك ولد الزنى، وهذا خطأ فاسد لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر ما شاء الله أن يذكر فأتاه رجل فقال: يا رسول الله إني عاهرت بامرأة في الجاهلية فقال صلى اللخه عليه وسلم: "لا اعتهار في الإسلام الولد للفراش وأيما رجل عاهر بأمة لا يملكها أو امرأة لا يملكها فادعى الولد فليس بولده، ولا يرث ولا يورث، ولأن ولد الزنى لو لحق بادعاء الزاني إياه للحق به إذا أقر بالزنى، وإن لم يدعيه كولد الموطوءة يشبه في إجماعهم على نفيه عنه مع اعترافه بالزنى دليل على نفيه عنه مع ادعائه له ولأنه لو لحق بالاعتراف لوجب عليه الاعتراف وقد أجمعوا على أن الاعتراف به لا يلزمه فدل على أنه إذا اعترف به لم يلحقه.
فأما الجواب عن الحديث المروي عن عمر رضي الله عنه أنه كان يليط أولاد البغايا في الجاهلية بآبائهم في الإسلام فهو أن ذلك منه في عهار البغايا في الجاهلية دون عهار الإسلام، والعهار في الجاهلية أخف حكمًا من العهار في الإسلام، فصارت الشبهة لاحقة به ومع الشبهة يجوز لحوق الولد، وخالف حكمه عند انتفاء الشبهة عنه في الإسلام.
وأما ولد الملاعنة مخالف لولد الزنى، والفرق بينهما أن ولد الملاعنة لما كان لاحقًا بالواطئ قبل اللعان جاز أن يصير لاحقًا به بعد الاعتراف؛ لأن الأصل فيه اللحوق والبغاء طارئ وولد الزنى لم يكن لاحقًا به في حال فيرجع حكمه بعد الاعتراف إلى تلك الحال.