للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الظهار]

الأصل في الظهار الكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فقوله تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إنْ أُمَّهَاتُهُمْ إلاَّ اللاَّئِي ولَدْنَهُمْ} [المجادلة:٢]، إلى آخر الآيتين. وأما السنة فما روى أبو داود بإسناده عن خويلة بنت مالك بن ثعلبة قالت: ظاهر مني زوجي أوس بن الصامت، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم أشكو إليه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يجادلني فيه ويقول: "اتقى الله فإنه ابن عمك"، فما برحت حتى نزل القرآن {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة:١] الآيات: فقال: "يعتق رقبة" فقلت لا يجد. فقال: "يصوم شهرين متتابعين" [١٢٤/ أ] فقلت: يا رسول الله، إنه شيخ كبير ما به من صيام قال: "فليطعم ستين مسكينًا"، قلت: ما عنده من شيء يتصدق به، قالت: فأتى من ساعته بعرق من تمر، فقلت: يا رسول الله إني أعنيه بعرق آخر، قال: "قد أحسنت اذهبي فاطعمي عنه ستين مسكينًا، وارجعي إلى ابن عمك". وقال ابن سيرين: أول من ظاهر في الإسلام أوس بن الصامت. قال الأصمعي: العرق بفتح العين والراء السفينة التي تنسخ من الخوص كالزنبيل الكبير، وقد جاء تفسيره في هذا الخبر أنه ستون صاعًا. وروي أبو داود، عن محمد بن إسحاق، أن العرق للكيل يسع ثلاثين صاعًا، وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: إن العرق زنبيل يسع خمسة عشر صاعًا، وهذا يدل على أن العرق قد تختلف في السعة والضيق، فيكون بعض الأعراق أكبر وبعضها أصغر، وروي هشام بن عروة أن جميلة كانت تحت أوس بن الصامت، وكان رجلًا به لمم، فإذا اشتد لممه ظاهر من امرأته، فأنزل الله تعالى فيها كفارة الظهار. واللمم هاهنا الإلمام بالنساء وشدة الخحرص، والتوقان إليهن. وأيضًا روي سليمان بن يسار، عن سلمة بن صخر قال: كنت امرءًا أصيب من النساء ما لا يصيب غيري، فلما دخل شهر رمضان خفت أن أصيب من امرأتي شيئًا يتتابع عليَّ حتى أصبح، فظاهرت منها حتى ينسلخ رمضان، فبينما هي تحدثني ذات ليلة إذ تكشف له منها شيء، فلم ألبث أن وقعت عليها، فلما أصبحت خرجت إلى قومي فأخبرتهم الخبر وقلت: امشوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: لا والله، فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: "أنت بذاك يا سلمة؟ "، قلت: أنا بذاك يا رسول الله مرتين، وأنا صابر لأمر الله [١٢٤/ ب] عز وجل، فاحكم فيما أراك الله سبحانه وتعالى، قال: "حرر رقبة" قلت: والذي بعثك بالحق ما أملك رقبة غيرها وضربت صفحة رقبتي، قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>