الولد. وأما المجبوب فعلى ثلاثة أضرب؛ مجبوب قد بقي منه ما يمكن أن يولجه ويجامع به، فحكمه حكم غير المجبوب. ومجبوب لم يبقّ منه شيء أو بقي شيء إلا أنه لا يمكن إيلاجه فيه قولان؛ أحدهما: لا ينعقد إيلاؤه وهو الصحيح، وقد نص عليه في "الإملاء" وبه قال أبو حنيفة واختاره المزني؛ لأن الحنث غير متصور منه والمضارة غير متحققة. والثاني: ينعقد إيلاؤه نص عليه في "الأم" ونقله المزني إلى المختصر؛ لأن قصد المضارة باليمين قد ظهر منه. فإن قلنا بهذا قلنا له: فء بلسانك ولا شيء عليك غيره، والفيء باللسان من المجبوب أن يقول لها: لو قدرت لفعلت، ولا يقول: إذا قدرت فعلت؛ لأنه ميئوس من ذلك.
ومن أصحابنا من قال: النصان على حالين، فالذي قال ينعقد إيلاؤه إذا بقي له بعد الجب شيء يمكن منه الجماع، والذي قال لا ينعقد إذا لم يبقَ ذلك. ومن أصحابنا من قال: كما على حالين على وجه آخر: فحيث صحح الإيلاء صور فيمن آلي وهو غير مجبوب ثم اعترض الجب، وحيث لا يصح الإيلاء صور فيمن آلي وهو مسموح عند الإيلاء، وهو جماعة من أصحابنا. ومجبوب بقي من ذكره قدر ما يمكن الجماع به إلا أنه يدعي أنه عاجز لا يمكنه الجماع به، فالقول قوله في ذلك وحكمه حكم العنين، وقد ذكرنا حكم من آلي ثم ثبتت عنته.
مسألة: قال: "ولو آلي صحيحًا ثمَّ وجبَ ذكرهُ كانَ له الخيارُ مكانهَا".
وقد بينا هذا المسألة في " كتاب النكاح" فإذا اختارت المقام فمضت أربعة أشهر، فإن قلنا بقوله في "الإملاء" لا ينعقد إيلاؤه، بطل إيلاؤه بالجب، وإن قلنا بقوله في "الأم" فلها المطالبة بعد انقضاء المدة وإيلاؤه باقٍ [١٢٣/ ب] ورضاها بالمقام معه في خيار الجب لا يسقط خيار الإيلاء فيكفيه في معذور. وأما قوله "كان لها الخيار مكانها": أي بسبب الجب العارض، ويكون على الفور قولًا واحدًا، لأنه خيار عيب فلا مهلة فيها.
فرع
لو آلي من الرتقاء أو القرناء. قال أصحابنا: فيها قولان كالمجبوب، إلا أنا إذا قلنا يصح الإيلاء لا تضرب الإيلاء؛ لأن المنح بسبب من جهتها كالمريضة يصح الإيلاء منها ولا تحتسب عليه المدة، ولذلك يصح الإيلاء من الصغيرة ولا تضرب له المدة حتى تبلغن فتضرب له المدة، وكذلك من الناشرة ولا تضرب المدة حتى ترجع إلى الطاعة. وقال أبو حنيفة: تضرب للمرأة الرتقاء المدة عقيب الإيلاء، فإن فاء إليها بلسانه وإلا بانت بانقضائها، وكذلك عقده إذا نشزت المرأة أو غابت المرأة في المدة وهذا غلط؛ لأن حقه من الوطاء سقط بذلك فوج أن تسقط المدة المضروبة له.