والثاني: ينقض حكم بينة الخارج على بينة الداخل، ويحكم بها لزيد، لأن هذا الاختلاف وإن لم يكن فيه نص فالقياس فيه جلي، والاجتهاد فيه قوي، فنقض بأقوى الاجتهادين أضعفهما، وإنما لا ينقض الاجتهاد مع التكافؤ، واحتمال الترجيح، وإن بان أن الحاكم حكم بها لعمرو على زيد ببينته، ولم تسمع بينة زيد، نظر في الحاكم، فإن كان يرى أن لا يحكم ببينة الداخل مع بينة الخارج، ففي نقض حكمه ما قدمناه من الوجهين كما لو سمعها ولم يحكم بها.
وإن كان يرى أن بينة الداخل أولى بالحكم، فلم يسمعها، بعد سماع بينة الخارج، نقض حكمه لعمرو كم بها لزيد، وإن لم يبن بعد الكشف السبب الذي أوجب الحكم بها لعمرو، دون زيد مع ثبوت يد زيد وبينته، ففي نفوذ الحكم بها لعمرو وجهان:
أحدهما: أن الحكم بها نافذ ممضي ولا ينقض إلا أن يعلم ما يوجب نقضه على ما شرحناه في أحد الأسباب الموجبة لنقضه، لأن الظاهر من حكم الحاكم نفوذه على الصحة، حتى يعلم فساده.
والثاني: ينقض حكم الحاكم بها لعمرو تغليبًا ليد زيد، وبينته، حتى يعلم أن حكم الحاكم نفذ على وجه الصحة دون الفساد لاحتمال تردده بين الأمرين وهذا قول محمد بن الحسن، ولأن كان له وجه فهو ضعيف، والله أعلم.
[باب في القافة ودعوى الولد]
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه:"أخبرنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرف السرور في وجهه فقال: "ألم ترى أن مجزرًا المدلجي نظر إلى أسامة وزيدٍ عليهما قطيفةٌ قد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما قال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض" قال الشافعي فلو لم يكن في القافة إلا هذا انبغى أن يكون فيه دلالةٌ أنه علمٌ ولم لم يكن علمًا لقال له لا تقل هذا لأنك إن أصبت في شيءٍ لم آمن عليك أن تخطئ في غريه وفي خطئك قذف محصنةٍ أو نفي نسبٍ وما أقره إلا أنه رضيه ورآه علمًا ولا يسر إلا بالحق صلى الله عليه وسلم ودعا عمرو رحمه الله قائفًا في رجلين ادعيا ولدًا فقال: لقد اشتركا فيه فقال عمر للغلام وال أيهما شئت وشك أنس في ابنٍ له فدعا له القافة قال الشافعي رحمه الله وأخبرني عددٌ من أهل العلم من المدينة ومكة أنهم أدركوا الحكام يفتون بقول القافة. قال الشافعي رحمه الله ولم يجز الله جل ثناؤه نسب أحدٍ قط إلا إلى أبٍ واحدٍ ولا رسوله عليه السلام".
قال في الحاوي: وهذا صحيح القيافة يحكم بها في إلحاق الأنساب، إذا اشتبهت