مسألة: قال: قال الله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ}[المائدة: ٩٥]، قال: والنعم: الإبل والبقر والغنم.
الفصل
الصيد على ضربين ضرب له مثلء وضرب لا مثل له، فما له مثل من النعم يضمن بمثله وذلك مثل النعامة مثلها [٢٠٣ / أ] بدنة وحمار الوحش بقرة والضبع مثلها شاة ونحو ذلك. وما لا مثل له كالعصافير ونحوها يضمن بالقيمة فيجري ضمان الصيد مجرى ضمان الآدميين ما له مثل يضمن بالمثل، وما لا مثل له يضمن بالقيمة، فإذا قتل صيداً له مثل، فإنه مخير بين ثلاثة أشياء إن شاء أخرج المثل، وان شاء قوم المثل دراهم يشتري بالدراهم طعاماً، ويتصدق به، وإن شاء صام عن كل مد يوماً، وان كان مما لا مثل له يخير بين شيئين بين أن يقوم الصيد بدراهم في الموضع الذي أصيب فيه، والدراهم طعاماً بمكة، ويتصدق به، وبين أن يصوم عن كل مد يوماً، ولا يجوز إخراج القيمة، ووافقنا مالك في جميع ذلك إلا: في فصل واحد، وهو أن عندنا إذا أراد إخراج الطعام، يقوم المثل دراهم، والدراهم طعاماً وعنده يقوم الصيد، ويقوم تلك القيمة طعاماً.
وقال أحمد في رواية مثل قولنا. وقال في الرواية الثانية: هو على الترتيب، فإن عدم المثل أخرج القيمة. وقال أبو حنيفة: الصيد مضمون بقيمته بكل حال، إلا أنه إذا قومه يتخير بين أن يشتري بقيمته النعم ويخرجه، ولا يجوز منه إلا ما يجوز في الأضحية، وبين أن يشتري بالقيمة طعاماً، ويتصدق به، وبين أن يصوم عن كل نصف صاع يوماً.
وقال أبو يوسف ومحمد: يجوز أن يشتري بالقيمة من النعم ما يجوز في الأضحية، وما لا يجوز، واحتج الشافعي عليه بإجماع الصحابة، فقال: وقد حكم عمر وعثمان وعلي وعبد الرحمن بن عوف وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم في بلدان مختلفة وأزمان شتى بالمثل من النعم، فحكموا في النعامة ببدنة وهي لا تستوي بدنة، وفي حمار الوحش ببقرة وهو لا يسوي بقرة، وفي الضبع بكبش وهو لا يسوي كبشاً، [٢٠٣ / ب] وفي الغزال بعنز [وقد يكون أكثر من ثمنها أضعافاً ودونها ومثلها] وفي الأرنب بعناق، وفي اليربوع بجفرة [وهما لا يساويان عناقاً ولا جفرة]، فدل ذلك على أنهم نظروا إلى أقرب ما يقتل من الصيد شبهاً بالبدن من النعم لا بالقيمة، ولو حكموا بالقيمة لاختلف لاختلاف الأسعار وتباينها في الأزمان. وهذا واضح واحتج مالك بأن التقويم إذا وجب لأجل الإتلاف قومه المتلف كما لا مثل له. وهذا غلط، لأن كل