للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلزمه أن يخرج الزكاة من الحاضرة ولا من الغائبة حتى يرجع إليه ثم يخرج زكاتهما، فإن قيل: كان يجب أن يقولوا: يخرج زكاة المائة الحاضرة لأن الزكاة قد وجبت عليه وإنما لا يلزمه إخراجها في الحال لتعذر الوصول إليه والمائة الحاضرة مقدور عليها فلزمه إخراج زكاتها بمقدارها، قلنا: المائة الحاضرة غير منفردة بحكمها لأنها نصاب مع المائة الأخرى فإذا لم يجب إخراج الزكاة عن إحدى المائتين كذلك لا يجب إخراجها عن المائة الأخرى ولأن هذه المائة لما كانت متصلة بالأخرى في الوجوب فكذلك في الإخراج، وقال بعض أصحابنا: وهذا إذا قلنا: إمكان الأداء من شرائط الوجوب فأما إذا قلنا: إنه من شرائط الضمان فالإمكان فيما في يده حاصل فعليه أن يؤدي منه بقدره ثم كلما وصل إليه من الغائب أو الدين شيء زكاه بقدره لأن أكثر ما في الباب أن يجعل ذلك كالتالف وهذا صحيح.

فرع

مسألة: قال (١): وما زاد ولو [١٤٦ ب/٤] قيراطًا فبحسابه.

وهذا كما قال: عندنا لا وقص للدنانير والدراهم بعد الوجوب، وقال أبو حنيفة: للدراهم أوقاص بعد المائتين كل وقص أربعون درهمًا وللذهب أوقاص كل وقص أربعة دنانير، وبه قال الحسن وعطاء وطاوس والشعبي ومكحول والزهري رحمهم الله، وبقولنا قال علي وابن عمر رضي الله عنهما، والنخعي وسفيان وابن أبي ليلى وأبو يوسف ومحمد ومالك وأحمد وأبو عبيد، ثم ذكر الشافعي بعد هذا حكم المرتد واختار قول الوقف وقد ذكرنا ثم ختم المزني الباب بمسألة ذكرها من عند نفسه فقال: وحرام أن يؤدي الرجل الزكاة من عشر ماله لقوله تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: ٢٦٧] يعني لا تعطوا في الزكاة الخبيث الذي لا تطيب أنفسكم به ولو دفع إليكم بل عليكم إعطاء الطيب مما أخرجت الأرض ومن الكسب والأمر على ما ذكره المزتي، وقوله: {إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} [البقرة: (٢٦٧)] أراد إلا أن تكونوا مسامحين في ذلك ومواسين، فأما إذا أردتم الانتصاف واستيفاء الحق فلا تأخذوه، وقيل: أراد إلا أن يأخذوه بنقصان وبخس أراد أنه ولا يأخذوه بمثل القيمة التي يؤخذ فيها الجيد.

باب زكاة الذهب [١٤٧ أ/٤]

قال (٢): ولا أعلم اختلافًا في أن ليس في الذهب صدقة.

في جميع أنواعه مضروبًا كان أو تبرًا. والتبر: هو كسارة الذهب والفضة مأخوذ من قولهم تبرت الشيء إذا كسرته جيدًا كان أو رديًا، ويريد به الرداءة من جهة الجنس لا من جهة الغش ولا يجب ذلك حتى يبلغ عشرين مثقالًا نم يجب نصف دينار فإن نقص عنه لا يلزم الزكاة، وإن كان فيه خلافًا لمالك وأحمد وقال عمر بن عبد العزيز: إن


(١) انظر الأم (٢/ ٣٤)
(٢) انظر الأم (٢/ ٣٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>