اختيار، ولذلك إذ مرض في يوم كان صحيحاً في أوله أفطر، ولو سافر في يوم كان سقيماً في أوله لم يفطر.
والرابع: أن يطرأ عليه في تضاعيف صيامه جنون، أو إغماء، فإن قيل في المرض يبني فهذا أولي، وإن قيل في المرض يستأنف ففي الاستئناف بالجنون والإغماء وجهان:
أحدهما: يستأنف كالمريض.
والثاني: يبني ولا يستأنف لأن الصوم مع المرض يصح، مومع الجنون والإغماء لا يصح وأما أعذار الزمان، فهو أن يتخلل مدة صيامه زمان لا يجوز صيامه مثل يوم الفطر، ويوم النحر، فهذا قاطع للتتابع وموجب للاستئناف، ولأن الاحتراز منه ممكن، وهكذا لو تخلل صيامه شهر رمضان قطع التتابع، فأما أيام التشريق فما تقدمه من يوم النحر قطع التتابع، فأما الابتداء بصيامها في الكفارة فقد كان الشافعي يرى في القديم جواز صيامها في كفارة تمتعه، لقول الله تعالى {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ}[البقرة:١٩٦]، ثم رجع عنه في الجديد، ومنع صيامها للمتمتع وغيره لنهي رسول الله صلي الله عليه وسلم عن صيامها، وقوله:"إنها أيام أكل وشرب وبعال، فلا تصوموها"، فإن منع من صيامها للمتمتع، كان غير المتمتع أولي بالمنع، وإن جوز صيامها للمتمتع لم يجز أن تصام تطوعاً لغير سبب، وفي جواز صيامها بسبب موجب وجهان:
أحدهما: يجوز وهو قول أبي إسحاق المروزي كالمتمتع لاشتراكهما في السبب الموجب.
والثاني: لا تجزئ لأن صيام التمتع مختص بأيام الحج، وصيام غيره لا يختص بها، وأما إذا كان عليه صيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين فإن قيل: إن التتابع فيها غير مستحق لم يمنع الفطر في تضاعيفها من جواز البناء.
وإن قيل: إن التتابع فيها شرط مستحق كان الفطر فيها بالحيض قاطعاً للتتابع قولاً واحداً، بخلافه في كفارة القتل، لأن التحرز منه بصيامها في أول الطهر ممكن، لأن اقله خمسة عشر يوماً، وإن أفطر فيها بمرض، كان البناء علي قولين كفطره في كفارة القتل، لأن التحرز من هجوم المرض غير ممكن، وكذلك يكون حكم فطره بالسفر والجنون، كحكمه في كفارة القتل سواء، ولا يجزئ صومه في الكفارة إلا بنيه قبل الفجر، تجدد النية لكل يوم، والله أعلم.
[باب الوصية بكفارة الإيمان والزكاة]
مسألة
قال الشافعي رحمه الله:"من لزمه حق المساكين في زكاةٍ أو كفارةٍ يمينٍ أو حج