للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاندمال بطل البيع في القدر الذي لم يقع القبض فيه وتم في مقدار ما قبضه المشتري من المبيع ورجع على البائع بقدر ما فاته ولا يوجب في يده مقداراً ولكنا ننظر إلى ما نقص بالقطع، فإن نقص النصف فقد قبض المشتري نصف المبيع وإن نقص الثلث فقد قبض المشتري ثلث المبيع ويرجع بما بقي وعلى هذا وهذا لأنا أوجبنا بنصف قيمته ربما كان ذلك بقدر كل الثمن، فيأخذ البائع من المشتري كل الثمن وإنما حصل له نصف المبيع وذلك لا يجوز. وذكر القاضي الطبري هاهنا أنه يرجع عليه بنصف الثمن وقد قبض نصف المبيع بقطع اليد والأصح ما ذكرنا. وقال في "الحاوي": فيه وجهان أحدهما: يرجع البائع عليه بنصف القيمة كما في الأجنبي، والثاني: يرجع بما نقص من قيمته، لأن الجناية كانت في ملكة بخلاف الأجنبي [١٠٧/ أ].

[باب المزابنة والمحاقلة]

قال: أخبرنا سفيان بن عيينة وذكر الخبر، المحاقلة بيع السنابل بجنسها من الحب والحقل هو البقل وكل حشيش رطب والمحاقلة مشتقة من ذاك وقيل: الحقل: الأرض البيضاء التي تصلح للزرع والمحاقلة مشتقة من ذاك، وذكر أصحابنا عن ماللك أنه قال: المحاقلة أكثر الأرض ينقص ما يخرج منه وهو المخابرة، وهذا غلط لما روى عطاء عن جابر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نهى عن المحاقلة والمزابنة"، وفسر عطاء المحاقلة، وقال: المحاقلة في الحرث كهيئة المزابنة في النخل سواء بيع الزرع بالقمح، وقال ابن جريج: قلت لعطاء: أَفَسّرَ لكم جابر المحاقلة كما أخبرتني؟ فقال: نعم، وروى الشافعي بإسناده عن جابر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نهى عن المحاقلة والمزابنة" والمحاقلة أن يبيع الرجل الزرع بمائة فرق حنطة والمزابنة أن يبيع التمر في رؤوس النخل بمائة فرق تمر [١٠٧/] وقيل: هذا التفسير في الخبر، وقيل: إنه من الشافعي.

واحتج مالك بما روى أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نهى عن المحاقلة والمزابنة" والمحاقلة كري الأرض وفي لفظ المحاقلة استكراء الأرض بالحنطة قلنا: خبرنا أولى، لأنه أشبه باللغة والقياس لأن إكراء الأرض بالحنطة بذل الحنطة في مقابلة منفعة الأرض، والمنفعة ليست بحنطة، وإذا باع السنبل بالحنطة فقد باع حنطة بحنطة مع الجهل بالتساوي، وذلك لا يجوز، وإذا تقرر هذا قوله: والمحاقلة أن يبيع الرجل الزرع بمائة فرق حنطة يوهم التسوية بين القصيل وبين الحب المشتد في السنابل وليس المذهب على ما توهم ظاهر اللفظ لأنه إذا باع قصيلاً لم يشتد حبه بحنطة يجوز البيع إذا كان بشرط القطع لأنه غير مطعوم قابل مطعوماً، وإنما يجوز إذا اشتد الحب لأنه مطعوم بمطعوم غير (معلوم) التماثل.

<<  <  ج: ص:  >  >>