الوسطى صلاة العصر ملأ الله قبورهم وأجوافهم ناراً». قلنا: يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم سماها وسطى ونحن لا نمنع من ذلك وخلافنا في المراد بالآية. واحتج زيد بن ثابت رضي الله عنه بأن صلاة الظهر وسط صلوات النهار وفيها مشقة لكونها في شدة الحر ووقت القيلولة.
واحتج قبيصة بأن المغرب أوسط أعداد الصلوات ووقتها مضيق فنهى عن تأخيرها. قلنا: أخبارنا أولى لأنها صريحة منصوصة، ويعارضهم بأن الله تعالى حث على صلاة الصبح دون غيرها، فقال:"وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا"[الإسراء: ٧٨].
[باب]
استقبال القبلة وأن لا فرض إلا الخمس
مسألة: قال: "ولا يجوز لأحد صلاة فريضة ولا نافلة ولا سجود قرآن ولا جنازة إلا متوجهاً إلى البيت الحرام".
الفصل
وهذا كما قال: اعلم أنه افتتح الباب ببيان الحال التي يجب فيها استقبال القبلة والحالة التي لا تجب، والمقصود هذا. وقوله في ترجمة الباب، (وأن لا فرض إلا الخمس) شيء اعترض في الباب وبيانه سيأتي في موضع آخر، وأراد بالبيت الحرام الكعبة. قال الله تعالى:"جعل الله الكعبة البيت الحرام قياماً للناس"[المائدة: ٩٧]، وكذلك المراد بقوله تعالى:"فول وجهك شطر المسجد الحرام"[البقرة: ١٤٤]، الكعبة فإنها هي القبلة بعينها [٤١ ب/ ٢]، وشطر المسجد: نحوه.
وجملته: أن استقبال القبلة شرط في الصلاة في الجملة بدليل هذه الآية. وروى أبو أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم «استقبل الكعبة وصلى ركعتين. وقال: هذه القبلة، هذه القبلة». مرتين. وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «كان يصلي أول فرض الصلاة بمكة إلى بيت المقدس، وكان يصلي على صفةٍ يكون متوجهاً إلى الكعبة ليكون مستقبلاً لها ولبيت المقدس لمحبته قبلة آبائه إبراهيم وإسماعيل صلى الله عليهما، فلم يزل على هذا