للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضل حنوط النبي صلى الله عليه وسلم.

وقوله: "إنه دم" فغلط، بل كان دمًا فاستحال وصار مسكًا كاللبن، وأما الخبر فهذا لا يبان منه بل تلقيه الغزالة كما تلقي الولد، وكما تلقي الطير [ق ٥٣ أ] البيض وقبل أن يمر على الشوك أو الصخر ليحتك به ويرمي به. ومن أصحابنا من ذكر وجهًا أن الفأة نجسة لا يجوز بيعها مع المسك، وليس بشيء.

وإذا تقرر هذا، لو باع فأرة غير مفتوقة لا يجوز لجهالة ما فيها من المسك. وحكي عن ابن سريج -رحمه الله -أنه قال: يجوز، لأن بقاءه في فأرته مصلحة فتحفظ عليه رطوبته وذكارا تحته فهو بمنزلة بيع الجوز في قشره، وهذا غلط؛ لأن قشر الجوز من صلاح لبه، والفأرة ليست من صلاح المسك أصلًا؛ لأنه لو خرج من الفأرة وترك في ظرف آخر يبقى هناك، فصار بمنزلة الصدف في اللؤلؤ.

وقال القفال رحمه الله: إذا جوزنا شراء الغائب جوزنا هذا؛ لأنه لا نقص في إخراجه من الجلد، وإذا خرج له خيار الرؤية بخلاف الجوز لا يجوز أن يشتري لبه على خيار الرؤية لأنه ينتقص قيمته بإخراجه من القشر.

فرع

لو فتق الفأرة ورأى المسك ثم اشتراه مع الجلد بحساب واحد جاز إذا كان الجلد مقصودًا له بوجهٍ كما قلنا في ظرف السمن، ولو اشتراه دون جلده لا يجوز؛ لأنه لا يقف على غلط [ق ٥٣ ب] الفأرة ورقتها، وبعض المواضع فيها أغلط من بعض فيصير المسك مجهولًا حتى لو كان بحالة الفأرة لا تتفاوت تفاوتًا ظاهرًا يجوز، وحتى لو رأى الجلد فارغًا، ثم ملئ مسكًا ثم اشتراه جاز كسمن .... هكذا، وإن كان السمن في شيء لا تختلف مواضعه في الغلظ والرقة، مثل رق أو غيره جاز.

[باب بيع حبل الحبلة والملامسة والمنابذة]

قال: أخبرنا مالك .... وذكر الخبر.

وهذا كما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع حبل الحبلة. واختلفوا في تأويله، قال الشافعي -رحمة الله عليه -: هو أن يبيع الجزور أو غيره من الثوب أو العبد إلى أن تنتج هذه الناقة فيحل الأجل حينئذٍ، وكان ذلك بيعًا يبتاعه أهل الجاهلية. وقال أبو عبد الله: يقول: بعتك حمل حمل هذه الناقة. وهذا أشبه باللغة؛ لأنه قال: "بيع حبل الحبلة" فيقتضي أن يكون المبيع حمل حمل هذه الناقة. وعلى هذا ما قاله الشافعي المبيع وغيره، ولكن ذهب الشافعي إليه؛ لأنه الراوي للخبر ذكر وهو الأعلم بمراد الرسول صلى الله عليه وسلم وكلاهما

<<  <  ج: ص:  >  >>