للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقام شاهدًا واحدًا لم يحلف معه؛ لأنه تثبت به الرجعة لنفسه وليس بماله.

فإن قيل: أليس المرأة إذا ادعت على الزوج وأقامت شاهدًا واحدًا لم يحلف معه، وإن كانت تثبت لنفسها. قلنا: إذا ادعت النكاح فإنها تثبت العقد دون المال، ثم يثبت في العقد المال ونفس العقد ليس بمال ولا يقصد منه المال بل يقصد الوصلة والمصاهرة بخلاف ما لو ادعت المهر والنفقة صريحًا.

[باب العدة من الموت والطلاق والزوج الغائب]

مسألة:

قَالَ: "وَإِذَا عَلِمَتِ المَرْأَةُ يَقِينَ مَوْتِ زَوْجِهَا أَوْ طَلاَقَهُ".

الفصل:

متى علمت الزوجة الفرقة بطلاق أو موت فالعدة من حين وقوع الفرقة سواء كان غائبًا أو حاضرًا، وسواء ثبت ذلك بالبينة أو بالخبر، فإن لم تعلم حتى مضى زمان العدة [ق ٧٢ أ] فقد قضت ما عليها، وغن لم تمض تمام العدة فعليها إتمام العدة؛ لأن العدة ليس من شرطها القصد والنية؛ ألا ترى أن المجنونة تعتد عن الطلاق والموت، وإن لم تشعر بها، وأيضًا فإنها لو تركت في عدتها الإحداد فلبست المصبوغات وتطيبت انقضت عدتها وهي عاصية، فإن لم تعلم ذلك وفعلت ذلك على غير وجه العصيان؛ لأن تنقضي عدتها بذلك أولى وأجرى. وقول الشافعي ههنا: "فَإِنْ لَمْ تَعْتَدَّ حَتَّى تَمْضِي العِدَّةُ" أي لم تقصد الاعتداد لأنها في حالة الجهالة معتدة عن طريق الاحتساب وإن لم تكن معتدة بطريق القصد، وبقولنا قال ابن عمر، وابن عباس، وابن مسعود، وابن الزبير، وابن المسيب، وعطاء، والزهري، وعامة الفقهاء رضي الله عنهم. وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال "العدة من حين العلم" وبه قال الحسن، وداود، وقال الإمام البيهقي رحمه الله اختلفت الرواية في ذلك عن علي رضي الله عنه. وقال عمر بن عبد العزيز والشعبي رضي الله عنهما: إن ثبت ذلك بالبينة فمن حيثن مات، وإن كان ذلك بخبر مخبر فمن حين بلغها، واحتجوا بان العدة عبادة فاحتاجت إلى القصد، قلنا: لا نسلم أنها عبادة وبينا أن القصد منها غير معتبر، وقد قال تعالى: {وأُوْلتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:٤] فإذا وضعت الحمل قبل العلم يجب أن تكون عدتها منقضية لهذا النص.

وأما في النكاح الفاسد إذا وجد الوطء فالعدة من حين التفريق، إما بتفريق الحكم أو بافتراقهما بالاختيار أو بموت أو بطلاق وهو لا يعلم بفساد النكاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>