النفس ففي جوازه قولان:
أحدهما وهو اختيار المزني لا يجوز, لأنه قد يعفو بعد الاقتصاص منهما عن النفس فيصير مقتصًا فيما لا قصاص فيه.
والثاني: يجوز أن يقتص منها لدخولها في النفس, فخالفت ما انفرد عنها, وليس ما يتوهم من جواز العفو عن النفس مانعًا من دخولهما في حكم النفس؛ لأنه قد يجوز لو أراد القصاص عن نفسه أن يعفو بعد حزّ رقبته بالسيف حزًا لا قصاص فيه, ثم يعفو بعد فعل ما لا قصاص فيه, ولا يمنع هذا التوهم من جواز القصاص في النفس كذلك في الجوائف, وفي هذا انفصال عما احتج به المزني للقول الأول.
فصل:
قال مزني: "قد أبى أن يوالي عليه بالجوائف كما والى عليه بالنار, والحجر والخنق بمثل ذلك الحبل حتى يموت ففرق بين ذلك إذا والى بها عليه ... "
والقياس عندي على معناه أن يوالي عليه الجوائف والكلام على الفرق بين الجمع من وجهين:
أحدهما: أنه يقتص منه بالحجارة إذا صارت نفسًا قولًا واحدًا, وفي الاقتصاص من الجوائف إذا صارت نفسًا قولان:
والفرق بينهما: أن الحجارة موجية فجاز الاقتصاص بها, والجوائف غير موجئة فعدل عنها.
والثاني: أن الحجارة يجوز أن يوالي إلي التلف في أحد القولين, ولا يجوز أن توالي الجوائف إلي التلف قولًا واحدًا.
والفرق بينهما من وجهين:
أحدهما: ما قدمناه, وأن موالاة الحجارة موج وموالاه الجوائف غير موج.
والثاني: أن للحجارة تأثيرًا إذا أعيدت في مواضعها, ولا يجوز العدول بها إلي غير مواضعها, وإن تأثرت, وبالله التوفيق.
[باب القصاص في الشجاج والجراح والأسنان]
ومن به نقص أو شلل أو غير ذلك
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله: "والقصاص دون النفس شيئان جرح يشق وطرف يقطع".
قال في الحاوي: قد مضى القصاص في النفس وهو فيما دون النفس واجب