بسم الله الرحمن الرحيم
[كتاب النكاح]
أباح الله تعالى النكاح نصًا صريحًا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وانعقد بها سالفًا إجماع الأمة وتأكد بها العترة, قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء: ١] , قوله: {مِن نَفسٍ وَاحِدَةٍ} يعنى آدم.
{وَخَلَقَ مِنهَا زَوجَهَا} يعني حواء, لأنها خلقت من حي. وقيل: لأنها من ضلع أيسر. وقال الضحاك: خلقها من ضلع الخلف وهو أسفل الأضلاع, ولذلك قيل للمرأة: ضلع أعوج فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خلقت المرأة من الرجل فهمها في الرجل, وخلق الرجل من التراب فهمه في التراب".
{وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} [الروم: ٢١] فيه تأويلان:
أحدهما: أنها حواء خلقها من ضلع آدم.
والثاني: أن خلق سائر الأزواج من أمثالهم من الرجال والنساء ليستأنسوا إليها؛ لأنه جعل بين الزوجين من الآنسة ما لم يجعل من غيرهما.
{وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: ٢١] فيها تأويلان:
أحدهما: أنها المودة والمحبة والرحمة والشفقة قاله السدي.
والثاني: أن المودة الجماع والرحمة الولد, قاله الحسن البصري, وقال تعالى:
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} [الفرقان: ٥٤] يعني النطفة والبشر: الإنسان, والنسب: من تناسب بوالد وولد وكل شيء أضفته إلى شيء عرفته به فهو مناسبة وفي الظهر هاهنا تأويلان:
أحدهما: أنه الرضاع, قاله طاوس.
والثاني: أنه المناكح وهو قول الجمهور. وأصل الظهر الاختلاط فسميت المناكح ظهرًا لاختلاط الناس بها. وقال تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: ٣٢] الآية,