وإذا ركب فيجتهد أن لا يؤذي أحداً، وينبغي أن يمشي متوقراً لا يزيد على سجيته في المشي ولا يشبك بين أصابعه ولا يعبث، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"إن أحدكم في صلاة ما كان يعمد إلى الصلاة"، فألحق العامد إلى الصلاة بمن كان في الصلاة ولا يشك في الصلاة كذلك في طريق الصلاةء وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا يزال أحدكم في صلاة ما دام ينتظرها، ولا تزال الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في المسجد اللهم اغفر له اللهم ارحمه ما لم يحدث" فقال: رجل من حضرموت، وما الحدث يا أبا هريرة قال: فساء أو ضراط.
وروي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نهى عن التشبيك بين الأصابع في الصلاة، وعن التفرقع في الصلاة وهو [١٥٤ أ/ ٣] أن يثني أصابعه فيسمع من مفاصله صوت"، وروى كعب بن عجرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"من توضأ فأحسن وضوءه، وخرج إلى المسجد عامداً فلا يشبك بين أصابعه". وروي عن النبي ́ - صلى الله عليه وسلم -: "أنه ما ركب في عيد ولا جنازة قط"، والجمعة هي في معنى ذلك، وإنما لم يذكر الجمعة لأن باب حجرته كان في المسجد فلا يتوهم الركوب إليها، وهذا لأنه إذا ركب يضيق على الناس ويزاحمهم أنجس الطريق بالبول والروث، وربما يترشرش على الناس والماشي هو أكثر عملاً ويكون أخشع فكان أولى.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: هذا إذا كانت عادته أن لا يركب فيها وهذا ليس بشيء، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -، لجابر بن عتيك:"إذا خرجت إلى الجمعة فامش على هيئتك"، وروي عن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان يسعى إلى الجمعة سعياً لقوله:{فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}[الجمعة: ٩] وهذا عنانا مكروه، المراد بالسعي القصد على ما ذكرناه.
[باب هيئة الجمعة]
قال: أخبرنا مالك. . . الخبر.
وهذا كما قال: المستحب [١٥٤ ب/ ٣] أن يروح إلى الجمعة على أكمل ما يقدر عليه من نظافة وزينة وطيب رائحة، لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في جمعة من الجمع:"يا معشر المسلمين إن هذا يوم جعله الله عيداً للمسلمين فاغتسلوا، ومن كان عنده طيب فلا يضره أن يمس منه وعليكم بالسواك ". وهذا أمر تلطف وتطرف