قال: أخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي يَحْيَي. . . وذكر الخبر.
وهذا كما قال. قال: السنة في المسح على الخفين هي أن يمسح أعلى الخف وأسفله، وبه قال ابن عمر، وسعد بن أبي وقاص، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، ومالك، وابن المبارك، وإسحاق.
وقال أبو حنيفة: السنة مسح الظاهر دون الباطن. وبه قال أنس، وجابر والشعبي،
والنخعي، والأوزاعي، والثوري، وأحمد، وداود.
واحتجوا بما روي عن علي - رضي الله عنه - أنه قال:"لو كان الدين بالرأي لكان باطن الخف أولى [٢٥٥ ب/١] بالمسح من ظاهره، لكني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهره". وهذا غلط؛ لما روي عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - أنه قال: وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فمسح أعلى الخف وأسفله، وخبرهم محمول على الجواز، ويرجح بالقياس، وهو أنه محل يجازي محل الفرض، فأشبه الظاهر.
فإذا تقرر هذا فيكفيه ذلك أن يضع يده اليسرى تحت عقب الخف، واليمنى على أطراف أصابعه، ثم يمرر اليمنى إلى ساقه واليسرى إلى أطراف أصابعه، وإنما يفعل ذلك لأنه أمكن وأسهل، ولأن اليد اليسرى للمباشرة الأذى، وأسفل الخف محل القذرات واليمني بعد ذلك. ولهذا قلنا: إذا أخذ الماء لمنخريه وأدخل فيهما بيمينه ينثره بيساره، وأما من تحت الخف ويدًا من فوقه، ثم يمسح مسحة واحدة تبلغ يده حد الوضوء.
وقال القاضي أبو حامد: نص الشافعي في مختصر الطهارة أن يمسح على العقب فقد قيل: يمسح عليه قولًا واحدًا. والذي نقله المزني: يحتمل أنه يريد به أنه يضع يده اليسرى تحت عقب الخف، فتكون بقية راحته على [٢٥٦ أ/١] عقبه. وقيل قولان: أحدهما: يمسح عليه لأنه يحاذي محل الفرق والثاني: لا يمسح عليه لأنه موضع صقيل ويفسد ذلك بالمسح، وفي إيصاله إلى العصون التي فيه مشقة والأول أصح.
فرع
لو كان على باطن الخف نجاسة فدلكه بالأرض، وقلنا: تجوز الصلاة فيه بالدللك في أحد القولين لا يمسح عليه، لأنه إذا مسح عليه زاد التلويث، فيلزمه حينئذ غسل اليد وغسل باطن الخف.