للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الأمر بهما في كتاب الله تعالى، وهو فيما ذكرنا من الآية.

ثم استأنس بقول عطاء غيره، فقال (١): وعن عطاء أنه قال: ليس أحد من خلق الله ألا وعليه حج وعمرة واجبتان، ثم قال: وقال غيره من مكيينا أي: من فقهاء المكين غير عطاء، ثم قال (٢): وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني شرع وأوجب في قرن العمرة مع الحج هدياً، فلو كانت نافلة لكان الأشبه أن لا تقترن مع الحج كأنه يقول: إنما أوجب النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن هدياً جبراً، ولو كانت العمرة نافلة لكان الأشبه أن لا يدخل النقص بشببها حتى يحتاج إلى جبره بالهدي. وفي هذا الاحتجاج ضعف لأن الفارغ من عمرة الإسلام لو أراد القرآن بشرط الدم يباح له، وإن كانت العمرة نفلاً في حقه. ثم قال (٣): وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة"، كأنه ذهب إلى أن المراد به دخل وجوب العمرة في وجوب الحج أبداً فهما واجبان. وقيل: معناه دخلت أعمال حتى يجوز للقارن طواف واحد لهما، وقيل: [٣٣/أ] معناه دخل في وقت الحج وشهوره رداً على أهل الجاهلية، فإنهم كانوا لا يعتمرون في أشهر الحج. ثم قال (٤): وروى أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم: أن العمرة هي الحج الأصغر، وكأن وجه استدلاله منه أنه لما سماها حجاً دخل وجوبها تحت قوله تعالى: {ولِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ} [البقرة: ٩٧]، وأما خبرهم الأول رواه أبو صالح الحنفي، ولم يلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو مرسل، ثم أراد أن الحج يشق كالجهاد والعمرة تسهل فتتطوع بها النفس، وأما الخبر الثاني يحتمل أنه أراد به العمرة الثانية، وفي هذا التأويل نظر، ويحتمل أنه كان في الأول، ثم أوجب من بعده.

[باب ما يجزئ من العمرة إذا جمعت إلى غيرها]

مسألة: قال (٥): يجزئه أن يقرن العمرة مع الحج.

إذا أراد الرجل تحصيل النسكين معاً: الحج والعمرة، فهو بالخيار بين ثلاثة أشياء: القران، والإفراد والتمتع، فالإفراد أن يقدم الحج، فإذا فرغ منه اعتمر. وأما التمتع، فهو أن يقدم العمرة، فيأتي بها في أشهر الحج، فإذا فرغ منها أحرم بالحج من سنته. وأما القران فمن وجهين:

أحدهما: أن يحرم بالحج والعمرة ويلبي بهما.

والثاني: أن يحرم بالعمرة، ثم يدخل الحج عليها حجاً فيصير قارناً، لما روى عن عائشة قالت: كنت ممن أخرم بعمرة، فلما دخلت مكة حضت، فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال: "ما لك، أنفست"؟ أي حضت، قلت: نعم، قال: "ذلك شيء كتبه الله تعالى على بنات آدم، فاغتسلي وامتشطي [٣٣/ب] وارفضي عمرتك


(١) انظر الأم (٢/ ١١٣)
(٢) انظر الأم (٢/ ١١٣).
(٣) انظر الأم (٢/ ١١٤).
(٤) انظر الأم (٢/ ١١٤).
(٥) انظر الأم (٢/ ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>