للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأفعال كلها في الحرم، فإذا أحرم بها في الحرم لا يصير جامعاً بين الحل والحرم في النسك، فلهذا، لا يجوز لنا إلا أن نخرج إلى الحل، ولأن النبي صلى الله عليه وسلن فسخ على أصحابه الحج إلى العمرة ثم أمرهم بعد الفراغ منها أن يحرموا بالحج من جوف مكة.

فرع

لو مر بالميقات وهو يريد الحج والعمرة ثم أحرم بالحج، ثم اعتمر من أقرب الحل جاز كما لو لم يرد إلا الحج وحده جاز.

وقال أبو حنيفة: إذا أرادهما، ثم أحرم بالحج وحده، فعليه أن يرجه لإحرام العمرة إلى الميقات، فإن لم يفعل فعليه دم ترك الميقات فيحتج عليه بضده، وهو أن المريد المتمتع مريد للحج والعمرة، ثم لا يحرم إلا بالعمرة، ولا يلزمه دم إلا شاة، فكذلك ههنا، وهذا لأنه يكفيه قضاء حق الميقات بنسك واحد، وإن كان مزيداً لها.

مسألة: قال (١): وأحب إلى أن يعتمر من الجعرانة.

الفصل

القصد بين بيان الموضع الذي يستحب له أن يحرم بالعمرة منه إذا قدم الحج عليها، فكل من أراد العمرة ممن هو من مكة، أو من غيرها ممن دخلها حاجاً، وأراد الاعتمار، فالمستحب أن يحرم بها من الجعرانة، فإنه أبعد الحل من الحرم، ومنها اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن فاتته فمن التنعيم، وهو أدنى الحل من الحرم لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعمر عائشة منها على ما ذكرنا قال: وهي أقرب الحل إلى البيت، [٣٨/أ] الحرام، وفيه اليوم مسجد عائشة، ومنه يعتمر الناس اليوم لخفة المسافة، فإن لم يتفق له ذلك، فمن الحديبية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بها، وأراد المدخل بعمرته منها، يريد به عام صده المشركون عن مكة، فقد قدم الشافعي في الاستحباب فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ما أمره، ثم ما أراد أن يفعله فمنع منه، ولم يعتبر المسافة لأن التنعيم على فرسخ من مكة والجعرانة والحديبية على ستة فراسخ منها، وهذا مثل ما قال الشافعي في الاستسقاء في تقليب الرداء أحب أن أفعل ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم من تحول الرداء، وما أراد أن يفعله فيقلب عليه من التنكيس، فإن قيل: أليس قلتم في الاستقساء: يقدم ما يتم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما فعل؟ كذلك ههنا وجب أن تقدموا ما يتم من الإحرام بالحديبية على غيره، قلنا: لأن ما يتم به يشتمل على فعل هناك، فإن التنكيس يشتمل على التحويل، والعمرة من الحديبية لا يشتمل على العمرة من الجعرانة، فما فعل أولى مما يتم، والله أعلم.

[باب الاختيار في إفراد الحج]

مسألة: قال (٢): وأحب إلى أن يفرد.

الفضل

القصد من هذا الباب أن يبين ما هو المختار من الثلاثة التي يؤدي بها الحج


(١) انظر الأم (٢/ ٥١).
(٢) انظر الأم (٢/ ٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>